المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بخلاء الجاحظ



عـــلاء الرحال
06-05-2011, 02:15 PM
بخلاء الجاحظ ….منقول من كتاب البخلاء



ومن منا لا يعرف شيخ الأدب وصاحب البيان والتبيين : الجاحظ ، وهو أبو عثمان عمرو بن بحرو بن محبوب الكناني بالولاء الليثي الشهير بالجاحظ لجحوظ عينيه.

كان قصير القامة، جهم الوجه، دميم الخلقة، لكنه خفيف الروح ظريف الحديث ، حسن العشرة.

ولد في البصرة ونشأ فيها ثم رحل إلى بغداد واطلع على كل العلوم المعروفة في عصره فاتسعت ثقافته واجتمعت له العلوم الدين والمنطق والتاريخ والفلك والحيوان والنبات ، مما جعله عالما ذا ثقافة شاملة مكنته من التأليف في كل شيء.

والجاحظ من أئمة الأدب والكلام ومن زعماء المعتزلة وصاحب نحلة من نحلهم ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة ، أصيب في أواخر أيامه بالفالج ومات والكتاب على صدره قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه وكانت وفاته سنة 255هـ.

ومن أهم مصنفاته الحيوان ، البيان والتبيين ، وسحر البيان ، التاج ( أخلاق الملوك)،المحاسن والأضداد ، تنبيه الملوك ، مسائل القرآن ، فضيلة المعتزلة ، صياغة الكلام، الأصنام ، البرصان والعرجان والعميان والحولان ، القول في البغال ، كتاب المغنين ، النساء ، البلدان ، الجواري وموضوع حديثنا البخلاء





دراسة في البخــلاء :

يعد البخلاء من الكتب الساخرة للجاحظ والتي تمثل أسلوبه الفكه المرح المعهود ، جمع فيه أخبار البخلاء والمقتصدين فصور حالاتهم كما رآها أو كما سمع عنها ، لينتقل بعدها إلى مناظرات حول الكرم والضيافة والبخل.

إن ما ساقه الجاحظ في بخلائه ليس إلا صورة للمجتمع العباسي الذي كان في تلك الأيام مجتمعا مختلف الأعراق والأجناس مما جعل الباحثين يعكفون على كتابة السير والأخبار للملوك والحكام من عرب وعجم ، وملاحظة أفعالهم وتصرفاتهم والحديث عنها ، وكيف انتقلت مفاهيم الكرم والسخاء التي كانت تشيع قديما في ما سبق والتي كانت تعد البخل نادرة من النوادر ، لتحل محلها مظاهر الشح التي رصدها الجاحظ في ذلك العصر ،لقد صور الجاحظ البخلاء الذين قابلهم وتعرفهم في بيئته الخاصة خاصة في بلدة مرو عاصمة خراسان تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً , فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم واطلعنا على مختلف أحاديثهم، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً، فالكتاب دراسة اجتماعية تربوية نفسية اقتصادية لهذا الصنف من الناس يوثق لهذه الفئة بشكل ساخر و هزلي ، تحرى فيه الأبعاد الاجتماعية الحقيقة معبرا عن سخط الأغلبية لما يحدث في المجتمع.

و الكتاب يعد مصدر توثيق مهم جدا للأجيال المتوالية سواء على مستوى التربية أو المستوى الإبداعي ، و في هذه الحالة من الممكن أن نعتبر كتاب الجاحظ (البخلاء) من أبرز كتب التوثيق السردية في تاريخ السرد العربي ، له أهمية علمية حيث يكشف لنا عن نفوس البشر وطبائعهم وسلوكهم علاوة على احتوائه على العديد من أسماء الأعلام والمشاهير والمغمورين وكذلك أسماء البلدان والأماكن وصفات أهلها والعديد من أبيات الشعر والأحاديث والآثار فالكتاب موسوعة علمية أدبية اجتماعية جغرافية تاريخية









مختارات من البخلاء :

وهذه بعض مختارات البخلاء :

1- قصة ليلى الناعطية :

" وأما ليلى الناعطية، صاحبة الغالية ، فإنها ما زالت ترقع قميصاً لها وتلبسه،حتى صار القميص الرقاع، وذهب القميص الأول. ورفت كساءها ولبسته، حتى صارتلا تلبس إلا الرفو، وذهب جميع الكساء. وسمعت قول الشاعر :

البس قميصَك ما اهتديتَ لجيبه فإذا أضلك جيبه فاستبدل ِ

فقالت: إني إذا الخرقاء! أنا والله أحوص ( أخيط ) الفتق وفتق الفتق ، وأرقع الخرق وخرق الخرق ".



2 - قصة أبي جعفر :

" ولم أر مثل أبي جعفر الطرسوسي: زار قوماً فأكرموه وطيبوه، وجعلوا في شاربه وسبلتهغالية. فحكته شفته العليا، فأدخل إصبعه فحكها من باطن الشفة، مخافة أن تأخذإصبعه من الغالية شيئاً، إذا حكها من فوق !

وهذا وشبهه إنما يطيب جداً إذا رأيت الحكاية بعينك، لأن الكتاب لا يصور لك كلشيء، ولا يأتي لك على كنهه، وعلى حدوده وحقائقه ".

سالم الهزاع
06-05-2011, 03:39 PM
الشكر الجزيل للاستاذ علاء الرحال

لقد استعاذ سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من البخل وحذر منه، لعلمه بانه مرض وابتلاء يصيب العقل فيفسده ويقلب موازينه ،ويصيب النفس فيمرضها ويعلقها بحب المال وجمعه ،فينقلب المال من وسيلة الى غاية، ويصبح جمع المال في حد ذاته هدفاً، فتصيبه دعوة الرسول الكريم بالتعاسة والشقاء والكآبة حين قال صلى الله عليه وسلم (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم)، ولعل هذا يفسر انتشار الكآبة وفقدان السعادة عند كثير من الناس الذين جعلوا المال هدفاً لهم، فوقعوا في براثن البخل!!.

وللحديث بالتأكيد بقية، وعلى دروب الكرم نلتقي!!