المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عراق اليوم يعيش حوادث الأمس



سالم الهزاع
07-22-2011, 02:48 PM
عراق اليوم يعيش حوادث الأمس******

******** فرّق تسد

*
شيماء الصراف

************************************************** ******************************
*** كان العراق جزءاً من الامبراطورية العثمانية ،هذه الامبراطورية التي تفككت وانتهت أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى 1914 ـ* 1918،* وكان ذلك بداية لظهور الدولة الحديثة. العراق بلد متعدد الأعراق، متعدد الأديان وفي الدين الواحد توجد اتجاهات ومذاهب مختلفة، بلد تتعدد فيه التقاليد والعادات والأعراف تبعاً للإنتماءات والجذور العرقية والإختلافات المذهبية الدينية، كذلك تبعاً للطبيعة الجغرافية التي تمتاز بتنوعها الكبير . هناك خلافات مذهبية في الدين الواحد، خلافات وحزازات عرقية واجتماعية، وليس العراق متفرداً في ذلك فهو أمر من ضمن الطبائع البشرية ، لذا نجده في جميع مجتمعات الأرض على الإطلاق. ولكن العراقيون كشعب يعيشون في العموم بسلام وأمان، لا باب تقفل بوجه الآخر ولا عداء وكره متأصل بل تجاور ومحبة وتزاوج واختلاط.*
عام 1914 دخل الجيش البريطاني العراق عن طريق البصرة، عام 1918 أتموا سيطرتهم على كامل البلاد حين سيطروا على مدنه الرئيسية البصرة،بغداد، الموصل. عام 1920 عهد مجلس الحلفاء الأعلى الإنتداب على العراق إلى بريطانيا . عام 1921 تـُوِّج الأميرفيصل ملكاً على العراق.
هناك عدّة عوامل لاحتلال العراق بعضها انتهى، والآخر لم يستمر فقط بل ازداد أهمية؛ إنه النفط . فمنذ منتصف القرن التاسع عشر والعالم الأوربي عموماً يعرف غزارة آبار النفط في العراق، وأُجريت التنقيبات من مختصين مثل ماير، رايخ، دارسي. وفي نهايات القرن نفسه تنبه الإنكليز، الذي كان يهمهم استمرار استعمارهم لبلدان واستعمار أُخرى جديدة،لأهمية النفط وإمكانية إحلاله محل الفحم كوقود .بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى صدرت تصريحات للعديد ممن أداروا الحرب، أذكر أهمها ـ في نظري ـ للمستشار الألماني لودنروف والذي سطّره في مذكراته : " لو لم يكن النفط في حوزة الحلفاء لما نالوا الإنتصار"، وقوله :" افتقارنا إلى النفط بمختلف مواده كان من أشد العوامل في خسراننا الحرب ".
شهد* النصف الثاني من القرن العشرين تعاظماً قوياً لقدرات امريكا العسكرية وتطلعاتها الإستعمارية لبلدان العالم وبهذا أخذت محل الدول الأوربية بالخصوص في هذا المجال، والذي بدأ باهتاً بالمقارنة . تم احتلال العراق رسمياً من امريكا عام 2003 ، لم يكن هناك دافعاً واحداً، ولكن النفط ظلّ في المقدمة كأحد أهم الدوافع إنْ لم يكن أهمها إطلاقاً، والبقية* تبع له .
للإحتلال* بصفته هذه قاعدة ذهبية واحدة لإحكام سيطرته إنْ توفرت عواملها إنها : فرّق تسد . وإن كان من العبث الكلام عن تطبيقها اليوم لشدة وضوحها وبداهتها، فإنه من المهم استعراض ما قامت به انكلترا في العراق في احتلالها العراق، أكتبه للتعريف أو التذكير. وبعد فإن دأب التاريخ أن يعيد نفسه، ولا عبرة إلاّ به ومنه
قانون العشائر العراقية

*
بدءً، شكّل الإنكليز إدارات ومديريات شرطة خاصة للعشائر الرُحـّل* في منطقة الوسط والجنوب .
ـ عام 1918صدر نظام دعاوى العشائر المدنية والجزائية، وقام بإعداده هنري دوبس من معاوني المندوب السامي البريطاني، يحق بموجبه لرؤساء العشائر إدارة شؤون قبائلهم، وتضمن القانون القواعد والإجراءات الخاصة بذلك .
ـ عام 1921 صدر قانون دعاوى الدم المختص بإجراءات المصالحة في قضايا القتل .
ـ عام 1927صدر قانون في منع جرائم قطع الطريق والغزو والنهب، ونص على عقوبات فاعليه .
إن قانون العشائر هذا الذي صدر على مراحل في فترة الإنتداب البريطاني عزل العشائر العراقية عن بقية الشعب العراقي جاعلاً منهم مجتمعات مغلقة متخلِّفة بالضرورة؛ فالتطور والتقدـّم الذي يحققه المجتمع المدني تكون في منأى عنه كليةً فهي لا تـُشارك ولا تتأثر به . هذه الوضعية تعسة للغاية، وأتعس ما فيها وضع المرأة فهي أقل من لا شيئ حيث تـُعامل كسلعة ومال، إنها تـُعطى كعوض وبدل للدم المهدور في جرائم القتل، حيث تتم المصالحة بالإتفاق بين العشيرتين على دفع* إمرأة أو أكثر إلى عائلة المقتول فلا تعود تطالب* بالثأر، فتـُعاني المذلّة والمهانة لدى العشيرة الجديدة، فلا حقوق ولا احترام؛ إنها أداة للتسوية* للترضية للفصل في قضية، حتى ان هذه الحالة أفرزت ، بمرور الوقت، مثلاً شعبياً تتداوله الألسن في المجتمعات المدنية* فتحتج به المرأة أو ذويها نيابة عنها إن هي مـُنِعت حقاً أو أُهينت عند زوجها أو عائلته في مسألة ما، فيكون التساؤل: هل أنا فصليـّة؟.
أُلغي قانون العشائر العراقية جملة وتفصيلا بعد ثورة 1958 في العراق .
استحداث المحاكم الجعفرية

*
جاء التقسيم الثاني للمجتمع العراقي وهذه المرّة في مجال العقيدة؛ ففي عام 1923 شـُكـِّلت المحاكم الجعفرية للشيعالإمامية الإثني عشرية، التي تطبـّق ـ في العموم ـ أحكام الإمام جعفر الصادق ومن هنا تأتي نسبة المدرسة إليه
السؤال: هل كان إصدار قوانين العشائر العراقية وتشكيل المحاكم الجعفرية فكرة مختمرة بالأساس* لدى المستعمر الإنكليزي وبرنامجاً مدروساً لضرب وحدة الشعب فيعود من السهل إحكام القبضة عليه ؟ الجواب : نعم . ولكن ما أكده وربما أسرع فيه هي أحداث عام 1919 في العراق وتلاحم الشعب بكافة فئاته جبهة واحدة تجاه فتن المستعمر ومحاولات التفرقة، هذا التلاحم الذي أدى إلى ثورة العشائر في الجنوب في عام 1920؛ إنها ثورة قبائل وعشائر شيعية بالخصوص حاربت المستعمر بضراوة ودخل قادتها تاريخ العراق الحديث بإسم " أبطال ثورة العشرين".
السؤال: هل كان تدخل الإنكليز لرفع مظلمة عن العشائر العراقية لشكواها منع الدولة العثمانية لها تطبيق العادات والتقاليد الخاصّة بها بسبب من صفاتهم ؟ الجواب بالنفي، فلهذه التقاليد قوة القانون أصلاً وبالأساس إنما زادت قوتها بتقنينها وإعطائها صفة الرسميّة.

هل حدث الأمر نفسه مع* الشيعة الإمامية؟ هل كانو يشكون منع الدولة لهم تطبيق قواعد المدرسة الفقهية التي ينتمون إليها؟ الجواب أيضاً بالنفي على الإطلاق.
هناك أمر يتوجب ذكره: المسلمون بانتماءاتهم الفقهية المتعددة كذلك المسيحيون بعقائدهم الدينية المختلفة، والأمر نفسه مع اليهود، كذلك كافة الإنتماءات الدينية الأُخرى من صابئة ويزيدية وشبك ، الجميع أحرار تماماً في الممارسة مالم تؤدي إلى الإخلال بأمن المجتمع وناسه. فالمسيحي واليهودي في المجتمع الإسلامي يحتكم إلى قواعد دينه . ويـُطبَّق الشرع الإسلامي بحقهم* في حالة واحدة هي احتكامهم إلى هذا الشرع طوعاً واختياراً منهم . هذا الأمر أقرّته الشريعة الإسلامية وطـُبِّق منذ تأسيس الدولة الإسلامية واستمر في كل العصور. أما بالنسبة إلى المسلمين من حملة المذاهب الأُخرى فلم يتغير الأمر لاحقاً في الدولة العثمانية التي كانت تأخذ بأحكام المذهب الحنفي والذي قننته في " مجلة الأحكام العدلية" التي صدرت في القرن التاسع عشر فكانوا يتحاكمون إلى قواعد* مذهبهم إلاّ إذا قرر أحدهم الإحتكام إلى محاكم الدولة الرسمية.هناك أمر آخر يجب ذكره أيضاً : وهو أن المسلمين يغيّرون انتمائهم المذهبي متى تحققت إرادة ورغبة* الفرد منهم في الأمر وذلك* بحرية تامة، فيحضرون لهذا الغرض أمام الجهة المختصّة ـ سنة أو شيعية ـ ولا يؤخذ الدافع بنظر الإعتبار ، فيصبح السني الحنفي أو الشافعي... شيعي المذهب وبالعكس .
*
تقسيم العراق جغرافياً

*
جاء في "موسوعة العشائر العراقية" للمؤلف ثامر عبد الحسن العامري [1 ] وصفاً للأمير الشيخ منشد الحبيب [ ولد عام 1882 وتوفي عام 1948] على أنه كان رجلاً جامعاً لخصال المروءة؛ كان حديث الناس لحسّه المرهف* ورزانته ووقاره، مشهوراً بالكرم فيـُشبَّه بحاتم الطائي حتى أن الملك فيصل الأول رحمه الله، عندما رأى كرم الأمير منشد تجاهه قرأ عليه آية " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عُنُقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا "[ آية 29 ،* سورة الإسراء ].
إلى هنا والخبر لا يعنينا في مقالنا هذا، ما يعنينا هو الآتي:".....وفي عام 1920 وبعد انتهاء مشيخة آل السعدون، طلب الإنكليزمن الشيخ منشد أن يكون أميراً على صوب الشامية والبادية إلى السعودية، لكن الشيخ منشد رفض ذلك ولم يقبل بتقسم العراق في حينه. وكان الشيخ أحد أعضاء المجلس التأسيسي لمجلس النواب العراقي ومعه الشيخ كاطع البطي شيخ آل* ازيرج" [ 2 ] .الجدير بالذكر هنا ان إمارة آل السعدون قد انتهت في العراق في عام 1880 بعد الحرب التي دارت بينهم وبين الجيش العثماني* في مقاطعة ام الشعر ـ واسط الآن ـوأسفرت عن انتصار الأتراك .
أقول : إن منشد الحبيب كان أميرأ شيخ عشيرة الغزي والفضول من الجنوب وكان شيعي المذهب، ولكن هذا الرجل يحب وطنه العراق، ينظر إلى مصلحته المتمثلة في وحدة ترابه .
حواشي

1 ـ طبع في بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، سنة 1993.
2 ـ المصدر السابق ص 281
انظر :كتاب الفقه على المذاهب الآربعة للجزيري. تاريخ العراق السياسي الحديث لعبد الرزاق الحسني. محاضرات في القانون المدني العراقي للدكتور حسن الذنون.
*
*

عـــلاء الرحال
08-16-2011, 01:21 PM
http://files.fatakat.com/2009/10/1255558282.gif