المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ردّ على مقالة (أصول المجتمع العراقي)- الدكتور عبد الكريم السلطاني



ادارة الموقع
08-19-2011, 09:45 PM
رد على مقالة (أصول المجتمع العراقي)



الدكتور عبد الكريم الزبيدي

– إنّ هذه المقالة تُعبّر عن نظرة عنصريّة ودعوة جاهليّة، ولا تمتُّ إلى الإسلام بأيّ صلة، لأنّ الله العليم الخبير أمر المسلم أنْ تكون نظرته إلى أخيه المسلم على أساس التقوى والعمل الصالح، لا على أساس انتمائه القومي، أو العنصري أو الإثني، قال العليم الخبير : " يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليمٌ خبيرٌ " (الحُجُرات، الآية : 13)
– إنّ الجهة التي صدرت منها هذه المقالة يحقّ لكلّ مُسلم أنْ ينعتها بأقبح النعوت والصفات عملاً بقول رسول الله (ص) إذْ قال : (مَنْ تعزّى بعزاء الجاهليّة فأعضّوه بِهَنِ أبيه ولا تكْنُوا)، ومعنى (تعزّى) : نسب نفسه إلى قوم مُفتخراً بهم، ومعنى (عزاء الجاهليّة) : جَعْلُ ناسٍ أفضلَ من ناس على أساس الانتماء القبلي، ومعنى حديث الرسول (ص) : أيُّ إنسان ينسب نفسه إلى قوم يجعلهم أفضل من قوم آخرين على أساس الانتماء القبلي، وليس على أساس الإيمان والتقوى والعمل الصالح فقولوا له : عضّ عَوْرةَ أبيك، وسَمُّوا العورة باسمها الصريح ولا تُسمّوها بالكناية مُبالغة في الإنكار عليه. وعملاً بهذا الحديث فيحقّ لكلّ مسلم أنْ يصف هذه الجهة التي صدرت منها تلك المقالة بأنّها غير مسلمة، لأنّها تدعو بدعوى الجاهليّة، وأنّها مُنافقة، لأنّها تُبطن عدم الإيمان بما يقوله القرآن الكريم، وبما يقوله الرسول الكريم، ويحقّ لكل مسلم أنْ يقول لهذه الجهة : اذهبي أنتِ ومقالتكِ إلى الجحيم .
– إنّ أهل جنوب العراق وأهل الفرات الأوسط ينتمون إلى قبائل عربية أصيلة، ولا يقدر أحد أنّ يدّعي غير ذلك، وخصوصاً الذين يسكنون مناطق الأهوار في جنوب العراق، فهم ينتمون إلى عشائر عربية معروفة ترجع أصولها إلى القبائل القحطانيّة أو القبائل العدنانيّة [يُرجى الرجوع إلى المصادر التالية : معجم العشائر العراقيّة، تأليف ماجد الزبيدي، دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر، موسوعة عشائر العراق، تأليف عبد عون الروضان، عشائر العراق، تأليف عباس العزاوي، منشور في موقع " عشيرة البوسلطان] . والمعروف أنّ هذه القبائل والعشائر قد استوطنت أصولها العراق قبل الفتح الإسلامي للعراق وبعده. أمّا ما تدّعيه الجهة التي صدرت منها مقالة (أصول المجتمع العراقي) من حصول هجرة إلى العراق قامت بها مجموعات من الأعاجم غير العرب زمن الدولة الصفويّة والعثمانية، وإبان الاحتلال البريطاني للعراق فلا يُؤثّر شيئاً في واقع العشائر العراقية، ووجودها خاصّة في الفرات الأوسط وجنوب العراق للاعتبارات التالية :
أ – إنّ هجرة بعض الأعاجم إلى العراق كما وردت في المقالة حدثت في القرن التاسع عشر الميلادي، وأوائل القرن العشرين الميلادي، فهي هجرة طارئة، وليس لها أيّ تأثير على وجود العشائر العراقية التي ترجع أصولها إلى القبائل القحطانية العربية، أو إلى القبائل العدنانيّة العربية
ب – إنّ المعروف عند العشائر أنّ غير العربي الذي يأتي إلى عشيرة عراقية للعمل فيها أو الاحتماء بها أو للسكن معها يبقى دخيلاً عليها، ولا يمكن في أيّ حال من الأحوال أنْ تسمح له العشيرة لتغيير اسمه وحمل لقب تلك العشيرة، لأنّه أعجمي غير عربي، ولا يُعرَف له أصل في قبائل العرب المعروفة عند شيوخ العشائر العراقية، وبهذا تبقى العشائر العراقيّة نقيّة من أيّ دخيل أعجميّ عليها. نعم قد يستطيع المهاجر الأعجمي إلى مدن العراق الكبيرة – وليس إلى عشائرها – أنْ يُغيّر اسمه، وينتسب إلى المدينة التي يعيش فيها، مثل أنْ يُلقّب نفسه بـ(البصري) أو (البغدادي) أو (النجفي) ... الخ
ج – إنّ كلّ فرد من عشائر العراق يعرف نسبه إلى الجد الخامس عشر أو إلى الجد العشرين أحياناً، ولكلّ فرد من عشائر العراق لديه شجرة نسبه، فلا يستطيع أيّ أعجمي أنْ يدّعي أنّه من العشيرة الفلانيّة دون شجرة النسب التي تُثبت انتماءه إليها، كما أنّ المعروف أنّه في كلّ عشيرة يوجَد شخص نسّابة عالم بأنساب عشيرته فضلاً عن أنساب العشائر الأخرى، فلو قال شخص أنا فلان بن فلان بن فلان من عشيرة كذا، فإنّ النسّابة يستطيع أنْ يُثبت نسبه إلى تلك العشيرة أو ينفيه .
د – قالت الجهة التي صدرت منها هذه المقالة : أما الموجة الثالثة للهجرة فتمت مع جيش الليفي اثناء احتلال الجنرال البريطاني مود للعراق حيث ارسلتهم حكومة الهند الشرقية البريطانية التي كانت تحكم الهند انذاك , حيث اتوا من شمال الهند - باكستان حاليا وبقوا هم وعوائلهم في مناطق شمال العمارة وجنوب الكوت وشمال الناصرية وجنوب كربلاء، أما الهجرة الرابعة فكانت عبارة عن موجات متقطعة للعوائل المهاجرة التي سبق وإن استوطنت الاهواز قادمة من بلوشستان والهند ولورستان مابين الحرب العالمية الثانية ومنتصف عقد الستينيات للقرن العشرين في العراق ومنتصف السبعينيات منه في الخليج العربي"
إنّ قولها هذامردودٌ عليها، لأنّه لا يوجد أيّ دليل أو حُجّة تُؤيّد ما قالته، بل الذي يدحض مقالتها هذه أنّ أيّ عراقي يذهب إلى عشائر العراق في الناصريّة والعمارة والكوت والبصرة وكربلاء، ويسأل شيخ كلّ عشيرة عن أشخاص أعاجم دخلوا في العشيرة، وانتموا إليها، وحملوا اسمها لقباً لهم خلال تلك الفترة الزمنيّة التي ذكرتها المقالة يجد ردّاً واحداً عند الجميع هو : لا يوجد بيننا أيّ أعجمي يحمل لقب العشيرة، لأنّه أمرٌ بعيد الحصول. نعم يجوز أنْ يبقى في العراق ناسٌ من المُهاجرين الذين ذكرتهم المقالة في المدن عمالاً أو أُجَراء
– إنّ الجهة التي صدرت منها هذه المقالة سمّت العشائر العراقية التي تستوطن جنوب العراق والفرات الأوسط بـ(الشروكَيين) الذين ادّعت أنّهم جاءوا إلى العراق من جهة الشرق، أي "من من بلوشستان ولورستان والهند وباكستان الى الاهواز ثم العراق والخليج او العراق والخليج مباشرة والقصد من هذه التسمية هو الحطّ من قَدْر العشائر العراقية الأصيلة في جنوب العراق والفرات الأوسط وواقع الحال أنّ اسم (الشروكَي) أطلقه بعض الذين يعيشون في المدن المُتحضّرة على الذين يعيشون شرق العراق من الناس الذين يُربّون الجاموس، ولا يعرفون التحضّر، وقد يُسمَّون بـ(المعدان)، وهم من عشائر العراق المعروفة الذين لا يشكّ أحد في انحدارهم من القبائل العربيّة الأصيلة .
5 – ادّعت الجهة التي صدرت منها هذه المقالة أنّ هؤلاء الناس الذين سمّتهم بـ(الشروكَيين) " يتميّزون بلباس خاص للرجال والنساء شبيه باللباس الهندي،كما يتميزون بعادات غريبة باعطاء ابنائهم اسماء مُهينة مثل (مطشّر) اي مبعثر و (چلوب) مصغر كلب و (سلبوح) اي دودة او استخدام اسماء التصغير على وزن فعيّل او افعيل , مثل (مچيّن) بمعنى مكان و (ولييد) بمعنى ولد او التصغير الجمعي باستخدام الالف والتاء, مثل (نفطات) اي كمية محددة من النفط . وكذلك يتميزون ببعض المظاهر العرقية التي يصفها بعض علماء الاعراق والبايولوجيا والمشار اليهم في المراجع على النحو التالي , انتمائهم للعرق الاوردي (وليس السامي العربي) حيث يتميزون بما يلي : قصر او القامة الوسط، السمرة الداكنة للبشرة المائلة للصفرة، وعدم وجود إلية الرجل، وتسطح القدم، وجحوظ قليل في العين "
إنّ هذه الجهة جهةٌ مُدّعية وعُنصريّة، وتُنفّذ أهداف وخُطَط أعداء الإسلام وأعداء الشعب العراقي، لأنّ كلّ الذي ادّعته سابقاً لا يقوم على دليل، فليس لباس الإنسان دليلاً على انتمائه القومي أو الإثني، وليس الأسماء دليلاً على ذلك أيضاً، فهل العراقي الذي يُسمّي ابنه (دكسن) مثلاً، أو يُسمّي ابنته (لورا) مثلاً هو أوربي في الأصل ؟! وهل (مطشّر) كلمة هندية أو أورديّة ؟ ولم تعرف هذه الجهة أنّ أصلها في لغة العرب (طشَّ) ومن عادة العرب أنّهم قد يفكّون التشديد، ويُبدلون أحد الحرفين راءً أو نوناً أو ياء، كما في (بشَّ)، يُقال : (بشَّ وجهه) : تهلّل، و(بشَّ فلانٌ بفلان) : ضحك إليه، ولقيه بوجه طلِق، و(أبشّت الأرض) : أخرجت أوّل نباتها، وفكّوا تشديد (الشين) وأبدلوا أحد الحرفين راءً فقالوا : (بَشَرَ)، يُقال : (بشَر وجهه) : تهلّل وفرِح، و(بَشَرَ فلانٌ فلاناً) : (لقيه بوجه طلِق) و(أبشرت الأرض) : أخرجت أوّل نباتها، وأصل (دينار) : دِنّار، فأبدلوا من أحد النونين ياءً، وقالوا (سدّر) ثم أبدلوا أحدى الدالين نوناً، فقالوا : (سندر)، يُقال : (سدر فلان) : ذهب فلم يَثنِهِ شيء، و(انسدر فلان) : تعجّل وأسرع في عدوه، و(سَنْدر فلان) : تعجّل ومضى وجَرُؤ، وهل أسلوب تصغير الأسماء عادة لغويّة في لغة الهند أو في اللغة الأورديّة أم أنّه أسلوب عربيّ أصيل ؟! ولم تعرف هذه الجهة أنّ أسلوب التصغير عربيّ أصيل، وله قواعده الصرفيّة في لغة العرب، والعرب تجمع الأسماء التي لا تُجمع جمع تكسير ولا جمعاً سالماً بزيادة (الف وتاء) على الاسم، مثل : (اصطبل) يُجمع على (اصطبلات)، و(قرار) يُجمع على (قرارات)، وتستعمل العرب الجمع الحاصل بزيادة (ألف وتاء) للدلالة على القِلّة، فهو من جموع القلّة، فهل الذي يعرف تلك القواعد في لغة العرب، ويجمع (نفط) على (نفطات) هو إنسان غير عربيّ ؟! وهل هذه القواعد قواعد في لغة الهند أو اللغة الأورديّة. هذا، وليس قصر القامة أو السمرة أو تسطّح الرجل أو جحوظ العين علامة على أنّ مّنْ فيه واحدة من تلك الصفات ينتمي إلى العِرق الأوردي .
6 – قالت الجهة التي صدرت منها هذه المقالة : " وفي منتصف الاربعينيات من القرن العشرين ساعد رئيس الوزراء في الحكم الملكي صالح جبر على هجرة الكثير من هؤلاء الشروگيين الذين لايحملون اي مستندات او جنسيات او بطاقات تعريف شخصية , الى اطراف بغداد " وقالت أيضاً : " ولم يتنفس الشروقيين الصعداء الا بعد قيام الجمهورية في عهد رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم ذلك اليتيم الذي ينتمي الى اب عربي سني لم يره بسبب وفاته ، وأم تتحدر من الاصول الشروقية , اشرفت مع اخواله الشروقيين على تربيته . حيث اصدر قرارات منحهم الجنسية وشهادة الجنسية العراقية "
إنّ هذا القول هو مُغالطة واضحة، فلم يقم صالح جبر بما ادّعته هذه الجهة، ولم يمنح عبد الكريم قاسم أيّ جنسيّة أو شهادة الجنسية لأيّ أعجمي مُهاجر، أمّا الذين سكنوا أطراف بغداد من عشائر الجنوب أو عشائر الفرات الأوسط، ثم أسكنهم عبد الكريم قاسم في المدينة التي سُمّيت بـ(الثورة) فليسوا من المُهاجرين الذين جاءوا إلى العراق من بلوشستان ولورستان والهند وباكستان، بل هم من عشائر العراق المعروفة دفعتهم ظروف مُعيّنة إلى المجيء إلى بغداد .
7 – قالت الجهة التي صدرت منها هذه المقالة : "هنالك تداخل لبعض المفردات المستخدمة من قبل الشروقيين ذات الاصول الهندية او الايرانية ( الفارسية واللورية) مثل (كواك) و (دش) و (چا), وخير دليل هو الكلمة الاستطرادية (چا cha ( بمعنى (نعم او أجل او بلا او اذاً) وهي هندية المنشأ حيث تلفظ بالهندية (آچا) بمعنى (نعم) "
إنّ هذا القول مُتهافتٌ بقدر تهافت الجهة التي صدرمنها، لأنّ الألفاظ اللغوية دائمة الهجرة بين شعوب الأرض، فنجد الألفاظ الروميّة والفارسية والهندية والعربية مثلاً تهاجر بين الشعوب التي تتكلّم تلك اللغات، فإذا وجدنا مثلاً ألفاظاً عربيّة في لغات الشعوب الروميّة التي منها اللغة الإنجليزية فهل في هذا دليل على أنّ الشعب الإنجليزي ينحدر إلى أصول عربيّة ؟! فمثلاً في اللغة الإنجليزية لفظة حضارية قديمة هي ( G0d ) وتعني : (الله) أو (الإله) هي لفظة هاجرت من شبه الجزيرة العربيّة في زمن موغل في القِدَم إلى اللغة الرومية، ففي اللغة العربية القديمة لفظة (جَد) وتعني : (الله) أو (الإله)، ولكنّها ماتت في اللغة العربية المستعملَة، وقد سمّى العرب بعض أصنامهم بـ(جَد)، أي : (الإله)، ثم استُعمِلَت بمعنى (عظمة الله) أو (عظمة الرب)، قال تعالى : " وأنّه تعالى جَدُّ ربّنا ما اتّخذ صاحبة ولا ولداً " (سورة الجن، الآية : 3)، ومثلاً لفظة (صراط) التي في القرآن الكريم، قال بعض أهل اللغة أنّها جاءت إلى اللغة العربية من اللغة الرومية في زمن مُوغل في القِدَم، ومثل (صراط) لفظة (فردوس)، فهل هذا يعني أنّ في قبائل العرب مَنْ ينحدر إلى أصول رومية، وقال بعض أهل اللغة أنّ (استبرق) و(سُندس) و(جهنّم) جاءت إلى اللغة العربية من اللغة الفارسيّة، فهل هذا يعني أنّ في قبائل العرب مَنْ ينحدر إلى أصول فارسيّة. ونعود إلى الألفاظ التي استشهدت بها تلك الجهة، فمثلاً لفظة (دش) هي لفظة عربيّة أصيلة تعني نفس المعنى الذي تستعمله اللهجة العامية العر اقية، وعلى هذه الجهة أنْ ترجع إلى المُعجم العربي لتتأكّد من ذلك، ولا يفوتنا أنْ نُنبّه إلى أنّ كثيراً من ألفاظ اللهجة العاميّة العراقية تعود أصولها إلى اللغة البابليّة، مثل : (أكو) و(ماكو)، أما (چا) فإنّ الحرف (چ) مُنقلب في اللهجة العاميّة العراقية عن الحرف (ك)، وهي عادة لغويّة مُتأثّرة بعوامل بشرية وجغرافيّة، قالوا في (كاسب) (چاسب)، وأصل (چا) : (كا)، وهي اختصار (كذا)، كما أنّ أصل (هيچي) في العاميّة العراقية : (هيكي)، وهي اختصار (هي كذي)، أي : هي مثل ذي، كما قالوا مثلاً : (اشعندك ؟)، وهي اختصار (أيُّ شيء عندك ؟)، فلغتنا العاميّة ذات أصول عربيّة فُصحى
8 – قالت الجهة التي صدرت منها هذه المقالة : " على الرغم من انتماء الشروقيين للمذهب الشيعي الجعفري الا انه من المؤكد هنالك بون شاسع بين الشروگيين والشيعة العرب في جنوب العراق من ناحية الانحدار العرقي والاثني للتكوين الاجتماعي لكلا الشريحتين "
إنّ هذه الجهة تُريد أنْ تجعل شيعة العراق قسمين : شيعة شروكَيّة وهم العبيد، وشيعة عرب وهم الأسياد، وليس لهذا التقسيم واقع عملي موجود في العراق، كما أنّها تعزف بهذا القول على وتر العنصريّة والطائفيّة البغيضة، ولا يوجد شيعي في العراق يقبل أنْ يكون هناك شيعة عبيد وشيعة أسياد. إنّ هذه الجهة تعمل لمصالح جهات مُعادية للإسلام أوّلاً وللشيعة ثانياً وللعراق ثالثاً، فعلينا أنْ نردّ عليها قولها بأقوى ردّ، ونمنعها من تحقيق أهدافها، وأنْ نئِد دعوتها هذه وأمثالها في مهدها، وبهذا نكون قد أرضينا الله ورسوله وضمائرنا
9 – قالت الجهة التي صدرت منها هذه المقالة : " بعض الاطوار الغنائية الريفية كالابوذية المحمداوي نجدها تغنى الى يومنا هذا في مدن الجوادر وكيتا وكلات واورمارا في الجزء الباكستاني من بلوشستان وحاسك في الجزء الايراني منها " وقالت : "كما نجد في الادب الشروقي بعض المواويل القريبة من اللحن الهندي والفارسي الخليطة باللهجة المحلية العربية , وحسب منشأ ذلك الوافد وامتداد عرقه " وقالت تلك الجهة أيضاً : " كما ان نمط الغناء مفعم بالحزن والشكوى التي تعبر عن الارث الطويل من المعاناه ابتداءً من اضطهاد اسماعيل الصفوي الذي كان يتفنن بتعذيب وقتل معارضيه البلوش واللور حيث كان يطلق شيخ القبائل المعارضة له من المدافع "
نقول : إذا غنّى العراقي من أيّ عشيرة عراقيّة الأبوذيّة التي هي من نظمه، وتُعبّر عن بيئته وتجربته بأيّ لحن من الألحان، سواء كان فارسياً أم هندياً فهل في هذا دليل على أنّه فارسي الأصل أو هندي الأصل ؟! وإذا كان المعيار كذلك فهل نحكم على أهل عشائر العراق جميعاً الذين يُغنّون الأبوذيّة والمواويل وغيرها بألحان مُختلفة بأنّهم ينحدرون من أصول فارسيّة أو هندية ؟!
إنّ الأبوذيّة هي تراث العراقيين وحدهم، كما أنّ نغمة الحزن في الغناء العراقي أصيلة عند العراقيين سواء كانوا شيعة أم سُنّة قبل تلك الهجرة المُفترضة (للشروكَيين) في القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين كما تزعم هذه الجهة التي صدرت منها هذه المقالة .
إنّ هذه الجهة التي صدرت منها هذه المقالة تعمل وفق دراسات نفسية تُجْرَى في أمريكا وبريطانيا، مفادها أنّك إذا أردت أنْ تُحطّم إرادة شخص أو جماعة أو أمّة، وتنال من عزيمتها، لكي تستجيب لما تُريده منها فما عليك إلّا أنْ تقطع صلتها بأصولها وتراثها عن طريق تحطيم تراثها وإتلافه ونسفه إذا أمكنك ذلك، أو التشكيك بأصولها وانتمائها باستخدام جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، والاستمرار على ذلك في أوقات ومناسبات مدروسة حتى تقطع صلتها بأصلها وتراثها، فتشعر حينئذ بأنها قميئة دونيّة أقل مستوى منك، فإذا وصلت إلى هذا الحد استطعت أنْ تفرض عليها ما تُريد .

.................................................. ............................................