المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السيف والخنجر



سالم الهزاع
09-26-2011, 08:15 PM
السيف والخنجر



كانت لصناعة السيف واستخدامه عند العرب مكانة مهمة، منذ أقدم العصور.
فكان السيف أشرف الأسلحة عندهم، من بين أنواع الأسلحة الأخرى التي
استخدموها[1]. ويُعدّ أكثر الأسلحة فاعلية في القتال، يحافظ كل عربي عليه ولا
يكاد يفارقه. وقد حفلت أشعارهم بتمجيده، وجاوزت أسماؤه مائة اسم في لغتهم.
والسيف آخر الأسلحة استعمالاً في المعركة، يُعمد إليه بعد القوس والرمح.
فهو الذي يحسم المعارك، وعلى حسن بلائه تتوقف نهايتها. ويكفِي لبيان فضله قول
الرسول ـ r ]وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ[ (رواه
البخاري، في كتاب الجهاد).
وقد حفلت أحاديث الرسول الكريم بتمجيد السيف والإعلاء من شأنه، في الحرب
والقتال، فعنه ـ r أنه قال: ]القَتْلَى ثَلاثَةٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ
ومَالِهِ فِي سَبِيلِ الله إِذَا لَقِيَ العَدُوَّ قَاتلَ حَتَّى يُقْتَلَ
قَالَ النَّبِيُّ r فِيهِ فَذَلِكَ الشَّهِيدُ المُمْتَحنُ في خَيمَة الله
تَحتَ عَرشِهِ لا يَفضُلُه النَّبيُّون إِلاَّ بدرجة النُّبُوَّة ومُؤمِنٌ
خَلطَ عَمَلاً صالحاً وآخر سيئاً جاهد بنَفسِه ومَالِه في سبيل الله إذَا
لَقِيَ العَدُوَّ قَاتَل حتى يُقتَل قال النَّبيُّ r فِيه مُمَصْمِصَةٌ مَحَت
ذُنُوبَه وخطايَاهُ إنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلخَطايا وأُدخِل الجَنَّة من
أيِّ أَبْوَابِ الجَنَّة شَاءَ ومنافق جاهد بنفسه وماله فإذا لقي العدو
قَاتَل حَتَّى يُقتَل فَذَاكَ فِي النَّارِ إنَّ السَّيْفَ لا يمحو
النِّفَاقَ[ (سنن الدارمي، كتاب الجهاد.).
وقد ازدادت أهمية السيف مع انتشار الفتوحات الإسلامية، تحت شعار: "الجنة
تحت ظلال السيوف". وليس أدل على ذلك من تلك الرسالة البديعة في المفاخرة بين
السيف والقلم من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نُباته ـ رحمه الله ـ التي يقول
فيها على لسان السيف: "أمّا بعد فإن السيف زند الحق القوي وزنده الوري (أي
القوي)، الفارق بين الرشيد والغوي، والبرق الصادق إذا استسقيت سحائب النصر،
والصبح الساطع إذا أخذ القلوب والثغر الباسم عن تباشير فلوله، به أظهر الله
الإسلام وقد جنح خفاء وحلى شخص الدين الحنيفي، وقد جمع جفاء وأجرى سيوفه
بالأباطح، فأمّا الحق فمكث وأمّا الباطل فذهب جُفاء، وحملته اليد الشريفة
النبوية، وخصته على الأقلام بهذه المزية، وأوضحت به للحق منهاجاً، وأطلعته في
ليالي النقع والشك سراجا وهاجا، وفتحت باب الدين بمصباحه إلى أن دخل فيه
الناس أفواجا، فهو صاحب المجد القديم والحديث".
ويضيف ابن نباته "قوله" وحازت أبكار الفتوح بحده الذكَّر، وحملت به أيام
فخرها إلى أن غدت بلمعانه ذوات حجول معلومة وغرر، فهو ذو الرأي الصائب وشهاب
العزم الصاقب، وسماء العز التي زينت من أثاره بزينة الكواكب، والحد الذي كان
ماؤه دافق يخرج عند قطع الأجساد من بين الصلب والترائب.
ويظل السيف يتفاخر على القلم حتى يقول "ويجلس على رؤوس الأعداء قهراً،
ويقلب أمور الأجساد بطناً وظهراً، ويطفئ بنطف أشعته من أحقاد الضلوع جمراً،
ويشرح أنباء الشجاعة قائلاً للقلم: ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبراً، فكل
فخر غير فخره ممنوع وكل قشبه يبأسه مفتضح. وكيف لا وقد فضح التطبع شبه
المطبوع. وهل يفاخر من وقف الموت على بابه، وعض الحرب الضروس بنابه". ومن
أمثلة العرب المشهورة في أهمية السيف، قولهم: "سبق السيف العذل"; وأصل ذلك أن
الحارث بن ظالم ضرب رجلاً فقتله، فأخبر بعذره فقال:"سبق السيف العذل".
وكان السيف أعم أسلحة العرب وأكثرها شيوعاً. ويدلنا على ذلك أن الرسول، r
لما استولى على غنائم (بني قريظة) كان معظمها من السيوف.
وقد أتقن العرب، قبل الإسلام، صناعة السيف وتوشيته وتحليته بالذهب والفضة.
وقد ورد أن "سعد بن سيل" جد قصي لأمه ـ كان أول من حلّى السيوف بالفضة
والذهب، وكان أهدى إلى كلاب (والد قصي) من ابنته فاطمة (والدة قصي) سيفين
محليين، فجُعلا في خزانة الكعبة. ويؤكد عنترة تحلية السيوف وتوشيتها بقوله:
ويصبح من إفرندة الدم يقطر إذا لم أُرويّ صارمي من دم العدا

وكانت مكة المكرمة من مراكز صناعة السيوف في شبه الجزيرة العربية، حيث
أخذت نصيبها من صناعة الأسلحة. ومن المعروف أن خباب بن الأرت كان يعمل السيوف
في الجاهلية، وكانت صناعة السيوف معروفة في نجد. وكذلك كانت بعض القبائل
العربية تصنع الأسلحة ومنها السيوف، مثل قبيلة عدوان التي يذكر شاعرها ذو
الإصبع العدواني قوله:
جيـاداً محشـورةّ صنُعـــا السيف والرمح والكِنانَة والنَّبل
أنْبل عـدْوان كلهـا صنعــا تَرَّصَ أَفْواقَهـا وقَوّمهـــا

ويرجع ذلك إلى توفّر معدن الحديد في مضارب قبيلة بني سليم، التي اشتهرت
بصناعة الحديد، وصهره وتنقيته.




[1] عرف العرب في العصر الجاهلي أسلحة للدفاع والهجوم، مثل: السهم والقوس
والرمح والفأس والترس (المجن) والدرع والجرموق (وهو جورب من النحاس كان يلبس
على الرجل) والمنطقة، فضلا عن العصا والمقلاع وغير ذلك من الأسلحة الدفاعية
والهجومية كآلات الحصار، مثل: المنجنيق والعرادة.

نعمان قاسم
10-05-2011, 06:30 AM
موضوع جميل مشكور استاذ سالم

سالم الهزاع
10-05-2011, 06:49 AM
اشكر مرورك ابن عمي استاذ نعمان القاسم

عـــلاء الرحال
10-07-2011, 09:35 AM
موضوع جميل ينم عن اصالة من وضعه بين ايدينا
فشكراً لك ابن العم استاذ سالم الهزاع
و
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/04-2011/PIC-119-1303309280.gif

ادارة الموقع
10-28-2011, 12:52 PM
http://ahl-alsonah.com/up/upfiles/EU561123.gif