المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانساب ...اهمية المعرفة بها



المحامي سيف ال سدخان
12-05-2011, 05:46 PM
• أهمية علم النسب من جديد
لا يخفى على الباحث والقارئ الكريم إن علم الأنساب عند غالب الأمم كان من أجل العلوم قدراً وأعزها شرفاً وأرفعها ذكراً .
وقد أضحى التعارف بين الناس مطلباً شرعياً بعد أن جعلهم الباري سبحانه شعوباً وقبائل ولاريب أن هذه الحالة لا تتحقق الا بمعرفة الأنساب وديمومتها والتواصل بين أبناء البشرية .
ولأن علم الانساب هو علم عظيم النفع وجليل القدر والغاية منه معرفة أصول الناس والاحتراز عن الخطأ في نسب الشخص ذاته.
قال النويري معرفة أنساب الامم مما أفتخرت به العرب على العجم ، لانها أحترزت على معرفة نسبها وتمسكت بمتين حسبها وعرفت جماهير قومها وشعبها وأفصح عن قبائلها لسان شاعرها وخطيبها ، واتحدت برهطها وفصائلها ومالت الى أفخاذها وبطونها وعشائرها ونفت الدعي فيها ونطقت بملء فيّها( ).
وذكر الامير شكيب أرسلان وهو من متأخري علماء علم الاجتماع في تعاليقه على تاريخ أبن خلدون في بيان ضرورة هذا العلم وأثره في معرفة أصول الامم وخصائصها ومميزات أفرادها وماله من دور مهم في تهذيب الاخلاق وترقيها وأصلاح النوع. قال:
إن علم الانساب هو العلم الذي يبحث في تناسل القبائل والبطون والشعوب وتسلسل الابناء والجدود ، وتفرع الغصون من الاصول في الشجرة البشرية بحيث يعرف الخلف عن أي سلف أنحدر والفرع عن أي أصل صدر وفي هذا العلم من الفوائد النظرية والعلمية بل من الضرورات الشرعية والاجتماعية والادبية والمادية ما لايحصى .
فلم يكن علم الانساب طراز مجالس يتعلمه الناس لمجرد الاستطراف أو للدلالة على سعة العلم .
أنما هو علم نظري وعملي وهو ضروري لاجل الدول الراقية المهذبة التي تريد أن تعرف أصول الشعوب التي أشتملت عليها ممالكها والخصائص التي عرف بها كل من هذه الشعوب بما يكون أعون لها على تهذيبها وحسَّن أدارتها.
فكما أن العالم المتمدن يعنى بتدريس جغرافية البلاد ، أسماء مدنها ومواقعها وحاصلاتها وعدد سكانها بل أن لاحظنا في الاطلسي (الكتاب المرادف لكتاب الجغرافية) طبيعة نوعية الارض إذا كانت صخرية أو سهول أو وديان أو جبلية وكذلك نوع لباس وزي كل محافظة .
فأنه يجب علينا المطالبة هنا بأنساب أولئك السكان وطبائعهم وعاداتهم وميزة كل جماعة منهم.
وبعد كل هذا ... فقد ذكروا لحفظ الانساب فوائد جمة ، بل قالوا أنها من الضروريات الشرعية والاجتماعية والادبية والمادية.
وجاء نور الاسلام فأكد على الدور المهم في حفظ الانساب ورعايتها ومعرفتها .
ورتب على ذلك الكثير من أحكامه ليلزم الانسان المسلم بحفظها في حدود روابطه الشرعية ، إذ أخذ النسب عموماً ، والهاشمي خصوصاً في موضوع جملة من الاحكام أصولاً وفروعاً وأكد معرفة نسب رسول الله (r) ليحقق معرفة القربى للنبي (r) التي جعلها الله سبحانه وتعالى أجر تبليغ الرسالة.
لوجوب مودتهم المفروضة على الجميع بنص الكتاب العزيز وحرمة الصدقة عليهم ، ووجوب الخُمْس لهم ( على رأي من يرى ذلك من العلماء)، الى غير ذلك من أحكام خاصة بهم .
وقد ورد في الأثر الشريف التأكيد على صلة الارحام التي ميزها البارئ بأن جعلها متعلقة بعرشه تقول (اللهم صل من وصلني وأقطع من قطعني) ( ).
كما أمر ببر الوالدين ووصلهما وأطاعتهما ، بل كان رسول الله (r) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ففرض علينا طاعتهم وودّهم وكمال معرفتهم التي رتّب عليها الفوز بالجنان فضلاً عما هناك من آثار وضعية .
بل أن الاسلام أكد على المعرفة بالانساب وأهتم والزم بها. لقوله تعالى : (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ( ).
إذاً فالتعارف لا يتم الا بمعرفة النسب ورجوع كل أنسان الى قبيلته وأصله.
وقد ورد عن النبي (r) قوله : (تعلموا أنسابكم لتصلوا أرحامكم) ( ) وقد روي عن أمير المؤمنين علي (u)( ) في وصيته لابنه الامام الحسن (u) أنه قال: وأكرم عشيرتك ، فأنهم جناحك الذي به تطير ، وأصلك الذي اليه تصير ، ويدك التي بها تصول( ).
وعنه (u) .. (أيها الناس أنه لا يستغني الرجل وأن كان ذا مال ، عن عشيرته ودفاعهم عنه بأيديهم والسنتهم وهم أعظم الناس حيطة من وراءه ، وألمهم لشعثه ، الا لا يعدلن أحدكم عن القرابة( ).
ثم قال (u).. ومن يقبض يده عن عشيرته فأنما تقبض منه عنهم يد واحدة ... ؟ وتقبض منهم عنه أيد كثيرة .
قال أبن قتيبة( ) تعلموا الانساب ، فرب رحم مجهولة قد وصلت بعرفان النسب .
وقالوا : لو لم يكن في معرفة الانساب الا الاعتزاز بها من صولة الاعداء ومنازعة الاكفاء .. لكان تعلمها من أحزم الرأي وأفضل الصواب.
الا ترى الى قول قوم شعيب (u)"(وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ"( )) ... فأبقوا عليه لرهطه.
وبناء على ما تقدم ، فلا ريب أن الاسلام كان له قصب السبق في مجال وضع أسس ونظريات الترقية والتهذيب للسلالات ، وطلب حفظ الأنساب.
قال رسول الله (r) (تخيروا لنطفكم وأنكحوا الاكفاء)( ) ولذا كان الهم من كل هذا هو حفظ الشجرة النبوية والذرية الطاهرة ، ذوي القربى الذي أمرنا الله بمودتهم وجعل أجر الرسالة مودتهم وصلتهم ومالهم من أحكام فرعية من أيصال الاخماس اليهم ، أو منع الزكاة والصدقات عنهم وكذا ما جاء به من أحكام فرعية وشرعية كالمواريث وحكم العاقلة وحفظ صلة الرحم.
وكل مايناط بمعرفة النسب في سائر أبواب الفقه وبما أن الحقائق العلمية الثابته عند أهل الطب تؤكد أن الجينات والكروموسومات يتوارثها الابناء عن الآباء ، وما يؤكده علماء النفس أن الميول والنزعات المختلفة تتوارث عنها الامراض والاعراض الصحية ، والدماء الجارية في العروق.
فلا بد من معرفة الانساب حتى يسعى كل فريق في أصلاح نوعه ضمن دائرته الدموية بحسب أستعدادها الفطري وقد قيل أن أحسن دليل على هذه الاستعدادات هو علم الانساب كما أكدت العلوم الحديثة كعلم النفس والاجتماع والوراثة والاجناس على أصالة علم النسب والتأكيد على دراسته واحيائه .
وذهب أبن خلدون( ) في مقدمته الى أن ثمرة الانساب وفائدتها أنما هي العصبية للنعرة والتناصر ، قال : حيث تكون العصبية مرهوبة ، والمنبت زكي محمي تكون فائدة النسب أوضح وثمرتها أقوى.
وفي تعليقه على الحديث قال مانصه إن النسب أنما فائدته الالتحام الذي يوجب صلة الارحام حتى تقع المناصرة والنعرة ، وما فوق ذلك مستغنى عنه ... ثم قال: إذ النسب أمر وهمي لا حقيقه له ، ونفعه أنما هو في هذه الوصلة والالتحام ، فأذا كان ظاهراً واضحاً حمل النفس على طبيعتها من النعرة .
ومن هذا الاعتبار معنى قولهم (النسب علم لا ينفع وجهالة لاتضر).
بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح وصار من قبيل العلوم ذهبت فائدة الوهم فيه عن النفس ، وأنتفت النعرة التي تحمل عليها العصبية .. فلا منفعة فيه
وتعديد الاشراف في الاباء زائد في فائدتها ، فيكون الحسب والشرف أصليين في أهل العصبية لوجود ثمرة النسب وتفاوت البيوت في هذا الشرف بتفاوت العصبية لأنها سرها .. الخ ولا يخفى على القارئ والباحث الكريمين ما في هذا الكلام من مواضع التأمل.
هذا بالاضافة الى أن كتب الانساب تعد مصدراً هاماً لدراسة التاريخ الادبي الغني لما بث فيها من خلال سلسلة النسب ورجالاته من شواهد ونصوص شعرية وطرائف ادبية ومساجلات علمية.
بل إن ناموس الزواج والعدة بمالها من فروع عديدة في الشريعة ما كانا الا لرعاية الانساب وحفظها المترتب عليه سائر الاحكام من الطبقات في الارث وقسمة المواريث وحجبها عمن لايستحقها وأولوية البعض على الاخر وولاية البعض على البعض

أبوعمرالسلطاني
12-11-2011, 07:53 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ( ).
سلمت يد يك أبومخلد عالموضوع الجميل

سالم الهزاع
12-12-2011, 06:47 AM
بحث مميز جزاك الله خير الجزاء على هذا الجهد شيخ ابو مخلد

الشيخ ابوسند حيدر الفاضل
12-18-2011, 10:53 AM
حيا الله ابومخلد بحث ودراسة مميزه