المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وظيفة المنبر الحسيني - الدكتور عبد الكريم السلطاني



سالم الهزاع
12-11-2011, 03:14 PM
وظيفة المنبر الحسيني تجاه مُحبّي الحسين والأمّة المُسلمة
الدكتور عبد الكريم السلطاني


​إنَّ في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) دروساً عظيمة للمسلمين خصوصاً، وللإنسانية عموماً . وما قام الإمام الحسين (ع) بهذه الثورة الخالدة إلاّ لأجل أنْ يُقدِّمَ دروساً عملية للمسلمين، ولكلّ إنسان يمُرُّ بظروف مشابهة للظروف التي مرَّ بها الحسين (ع) . ولهذا السبب كان الطواغيت والظالمون يحاولون أنْ يطمسوا هذه الثورة المباركة بكلِّ وسيلة مُتاحةٍ لهم، ولكنهم لم يُفلحوا في محاولاتهم ، وباءت جهودهم في هذا الشأن بالفشل . وحين أيقن الطواغيت والظالمون أنَّ ثورة الإمام الحسين (ع) قد أُشْرِبتْ ذكراها قلوبَ محبّي الحسين ونُقِشَتْ في صدورهم، وأنّهم غير قادرين على طمسها أو محوها من ذاكرتهم، لجئوا إلى وسائل أخرى تُؤدّي إلى إحياء هذه الثورة العظيمة بطرق وأساليب تُضيّع على المسلمين وعلى مُحبّي الحسين وشيعته الدروس العظيمة التي أراد الحسين (ع) أنْ يقدمها للأمة الإسلامية خصوصاً، وللإنسانية عموماً .
​إنّ بيان دروس ثورة الإمام الحسين (ع) تقع على عاتق خطباء المنبر الحسيني بالدرجة الأولى، لأنّهم هم الذين اتّخذوا منبر الحسين (ع) وسيلة لتبليغ رسالته إلى الأمة الإسلامية .
​إنَّ الطرق والأساليب التي نُحيي بها ثورة الإمام الحسين في وقتنا الحاضر بحاجة إلى التفاتةٍ ومراجعة من قبل مُحبّي الإمام الحسين وشيعته والقائمين على إحياء شعائر الثورة الحسينية المباركة لتوجيهها الوجهة الصحيحة التي تتحقَّق بها أهداف الإمام الحسين (ع) من وراء ثورته المباركة، ليستفيد منها المسلمون عموماً في التزوّد بجرعات من روح الحسين التي ملأت الدنيا كرامةً وعزَّةً وشموخاً وثباتاً على الحق في وجه الظالمين والمستكبرين، ومُضيَّاً بعزيمة لا تلين في مقارعة الظالمين والمستكبرين، وعدم الاستسلام للأمر الواقع الذي يُريدون فرضه، وليستفيد منها الشعب العراقي في محنته الشديدة المظلمة الحالكة التي أوقعته فيها جحافل الشيطان التي نشرت الموت والدماء والدمار في جميع أنحاء العراق العظيم . وأدعو خطباء المنبر الحسيني المخلصين الذين اتخذوا منبر الحسين وسيلة لتبليغ رسالة الحسين إلى الأمة الإسلامية ، أدعوهم إلى القيام بواجبهم في هذه الظروف العصيبة التي يمرّ بها المسلمون عموماً، وشيعة أهل البيت خصوصاً، وإلى الوفاء بعهدهم مع الإمام الحسين في بيان أهداف نهضته المباركة، ودروسها الربانية التي أراد الإمام الحسين إيصالها إلى الأجيال . وما أشدَّ احتياج جيل الأمة وشبابها في وقتنا الحاضر إلى هذه الدروس . إنّ كلَّ مَنْ يرتقي منبر الحسين يكون قد عقد عهداً مع الحسين وعليه أنْ يفي بهذا العهد، قبل التفكير بالنفع المادي الذي يمنحه له هذا المنبر .
إنّ الشعب العراقي قد مرّ بظروف سيّئة وصعبة منذ الاحتلال الأجنبي البغيض وإلى الوقت الحاضر، وقدّم خلال هذه الفترة كثيراً من أبنائه، رجالاً ونساءً، كهولاً وشباباً وأطفالاً، وروّى بدماء أبنائه الطاهرة أرضه التي روّاها من قبلُ سيد الشهداء بدمائه ودماء اهل بيته وأصحابه الطاهرة، وأُصيب الشعب العراقي بسبب هذا الاحتلال بجميع أصناف الكوارث في الأموال والممتلكات، والثروات الوطنية، وتعرّضت كرامته للإهانة والتدنيس من قبل المحتل الذي هو المسؤول الأول عن جميع ذلك، ولذلك فإنّ خطباء المنبر الحسينين وشعراءه، ورواديده، والقائمين على المواكب والمآتم الحسينية، والمُثقفّين والكتّاب هم الذين تقع على عاتقهم بيان الدروس الربّانيّة التي أراد الحسين (ع) أنْ يقدّمها لأجيال الأمة الإسلامية من بعده حين تمرّ عليهم ظروفٌ صعبة وسيّئة كالظروف التي مرّ بها سلام الله عليه، وإنّ كلّ مَنْ له علاقة بمنبر الحسين يكون مسؤولاً امام الله، وأمام الحسين (ع) في بيان دروس ثورته المباركة للأمّة الإسلامية . ولابدّ من الإشارة إلى أنّ الطرق والأساليب التي تُحيى بها الثورة الحسينية في العراق لا ترتقي إلى عِظم المحنة التي يمرّ بها الشعب العراقي، وعليه، فلا بدّ من الربط بين الآثار التي أوجدها المحتلّ الأجنبي في الشعب العراقي، والآثار التي اوجدتها السلطة السفيانية المتمثلة بمعاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد في أهل العراق زمن تسلّطهما على الشعب العراقي في ذلك الوقت .
يجب علينا انْ ندرس حالة المجتمع بكلّ أبعادها في عصر الإمام الحسين (ع) لكي نستطيع *أنْ نُدرك أهداف ثورة الإمام الحسين (ع) ونستوعب دروسها، ثم نوظف تلك الدروس في حالنا وظروفنا الحاضرة التي تشبه إلى حدّ كبير حالة وظروف المجتمع في عصر الإمام الحسين، ثمّ نستفيد منها في اتخاذ المواقف الصحيحة التي تُنجينا من الهُوَّة السحيقة المظلمة التي أوقعنا فيها الشيطان الذي غزا بلادنا بفكره، وجحافله العسكرية التي تحتلّ أجزاءً من أرض الأمة الإسلامية *.
في عصر الإمام الحسين كان المجتمع الإسلامي يخضع لسلطان ملوك الأمويين الذين أقاموا دولتهم في نهاية حقبة الخلافة الراشدة التي كانت خاتمتها استشهاد أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وفي ظلّ هذه الدولة بدأ مؤشّر الابتعاد عن الإسلام الأصيل *يصل إلى الخطوط الحمراء في جميع نواحي الحياة الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية .
وهذه نماذج من قراءة حالة المجتمع الإسلامي في عصر الإمام الحسين، ونماذج من مواقف الإمام الحسين إزاء معاوية وابنه يزيد، وكيفيّة استخلاص الدروس منها، وتقديمها للشعب العراقي :
1 – أسّس معاوية وابنه يزيد ظاهرة إيجاد بدائل شرعية عن المصادر الأصلية للإسلام الأصيل المتمثلة في عترة النبي (ص) الطاهرين (عليهم السلام)، وفي صحابته المنتجبين (رضي الله عنهم) الذين حملوا الإسلام من بعده، وعرفوا مكانة عترته الطاهرة الذين أمر النبي (ص) بالرجوع إليهم وإلى كتاب الله الكريم حين تختلف الأمة في أمورها الدينية والدنيوية، أو حين تختلط عليها السبل، فلا تستطيع أن تتبيّن سبيل الحق من الباطل . إنّ ظاهرة البدائل الشرعية التي أوجدها معاوية ويزيد تتمثل في مجموعة من الرواة والمُحدّثين والفقهاء والخطباء الذين يتكلمون بالإسلام، وقد مُنِحوا لقب ( علماء )، وحصلوا على مناصب في المؤسسة السياسية للدولة الأموية . وقد سخّر معاوية وابنه يزيد كل وسائل الإعلام والتثقيف لتوجيه الأمة إلى هؤلاء .
إنَّ الشيطانُ الذي غزا بلادنا قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، اُنظروا إلى المُتحدثين بالإسلام من الذين أوصلهم المحتل إلى مناصب الحكم والقرار السياسي في العراق، أو الذين وصلوا إليها تحت ظلال المحتل، وانظروا إلى أعداد الذين أُطْلِقَ عليهم اسم (علماء)، ولكنهم في الحقيقة تجار، يتاجرون بالدين ليكسبوا به أكبر قدر من المنافع . إنَّ هؤلاء جميعاً صاروا بوجود المحتل مصادر لمفاهيم الإسلام، وبدأتْ تظهر في العراق بوادر لإسلام تسود فيه مفاهيم جديدة منها : عدم جواز أيّ عمل في مواجهة عدوّ الإسلام والمسلمين إلاّ بعد الرجوع إلى العلماء، ووجوب طاعة العلماء طاعة عمياء فيما يأمرون وينهون، والرادُّ عليهم كالرّادّ على الله، فإذا قالوا : انتخبوا الجهة الفلانيّة فيجب على الناس طاعتهم، وإنْ لم يكن في انتخاب تلك الجهة مصلحة للإسلام والناس، وإذا قالوا : اجلسوا، وارضَوا بالأمر الواقع فيجب على الناس طاعتهم، وإنْ لم يكن في الجلوس والرضا بالأمر الواقع مصلحة للإسلام والأمّة، بل يكون فيهما مُخالفة لما أمر الله ورسوله به، وإذا قالوا : الواجب هو الجهاد السياسي فيجب على الناس طاعتهم بعدم التصدّي لعدوّ الإسلام والمسلمين الذي يحتلّ أرضهم ويستبيح حرماتهم، وينهب ثرواتهم، ويُدمّر خيراتهم، ويكسر نفوسهم .
2 – سعى معاوية وابنه يزيد إلى إضفاء ثوب الشرعية الدينية على حكمهما وقيادتهما، وسخّرا لذلك وعّاظ السلاطين وفقهاءهم والرواة والمُحدّثين الذين آثروا الحياة الدنيا على الآخرة .
إنَّ الشيطان الذي غزا بلادنا قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، فقد استطاع أن يضفي الشرعية على احتلاله أو على ما يفعله في بلادنا بقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة . وفي العراق سخّر وعّاظ السلاطين، وطلاّب المناصب لإقناع الشعب العراقي بأنّ في بقاء المحتل مصلحة لنا ولبلادنا، فكانوا بين الحين والآخر يُقدّمون الطلبات الرسمية إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة للموافقة على بقائه مدّة أطول .
3 – سعى معاوية وابنه يزيد إلى ضرب القاعدة التي تُوالي الإمام الحسن ، ومن بعده الإمام الحسين ( عليهما السلام )، وهما اللذان يمثلان القيادة الشرعية للأمة بعد استشهاد الإمام علي (ع)، ويمثلان المصدر الأصيل للإسلام . وقد قام معاوية ويزيد بقتل أيّ معارض للحكم الأموي، وتغييب أيّ متصدٍّ للانحراف، وإسكات صوت أيّ مُنكر للظلم .
إنّ الشيطان الذي غزا بلادنا قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، ففي العراق قام *بقتل أيّ مُعارض أو مُقاوم للمحتل سنيَّاً كان أم شيعياً، وتغييب أي مُتصدّ للانحراف عن خطّ الإسلام الأصيل، وإسكات صوت أي مُنكر للظلم .
4 – سعى معاوية وابنه يزيد إلى تفتيت وحدة الأمة الإسلامية، فأعادا إلى المجتمع القومية التي أماتها الإسلام، وجعلا للعرب امتيازات خاصة على غيرهم من القوميات الأخرى في العطاء وفي غيره، وجعلا العرب سادة وغيرهم العبيد، وفرّقا بين القرشي وغير القرشي من العرب في العطاء والامتيازات، وشجّعا على ظهور الفرق الإسلامية، وإيجاد بُؤر التناحر والتخاصم المذهبي بين تلك المذاهب .
إنّ الشيطان الذي غزا بلادنا قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، ففي العراق أحيى النعرة القومية بين مكونات الشعب العراقي من العرب والأكراد والتركمان والآثوريين والكلدان والصابئة، وهو يعمل بجدّ على إشعال الفتنة بين الشيعة والسنة، والمسلمين والمسيحيين، ليصل إلى هدفه في تفتيت وحدة المجتمع العراقي بجميع مكوناته .
5 – سعى معاوية ويزيد إلى نشر الفساد الأخلاقي باتباع أسلوب الإغراء بالمتع واللّهو والغناء وشرب الخمور، وخاصة بين جيل الحجاز وجيل العراق بقصد إلغاء المناعة الأخلاقية . وقد ظهرت بالفعل بين هذين الجيلين أخلاق الترف والمجون .
إنّ الشيطان الذي غزا بلادنا قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، ففي العراق يعرف أهله ما يقوم به المحتل في هذا الصدد من إفساد مُبَرْمَج مدروس للشباب والشابات، والرجال والنساء، ولا يحتاج المسلم الواعي إلى بذل جهد لمعرفة جهود هذا الشيطان في نشر الفساد في العالم الإسلامي .
6 – صادر معاوية ويزيد حرية الناس، وسعيا إلى إذلالهم بكل فنون الإذلال، وبسب ذلك صار المجتمع الإسلامي في عصرهما غير قادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير قادر على إعلان البراءة من أعداء الله، والجهاد في سبيل الله، وأصبح المجتمع أيضاً غير قادر على الوقوف بوجه الحاكم المُستبد الظالم، وغير قادر على نصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين ، لأنّ الناس في ذلك المجتمع صاروا فاقدين العزة والكرامة والإرادة .
إنّ الشيطان الذي غزا بلادنا قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، فقد قام بمُصادرة حرية الناس، ومُمارسة الإرهاب بالقتل وسفك الدماء عن طريق عبيده في العراق الذين سيطر عليهم بالأموال والتكنلوجيا الحديثة، ويقوم بمُمارسة صنوف الإذلال بحق الشعب العراقي للوصول إلى كسر نفسية هذا الشعب الأبيّ العزيز، ثم الوصول به إلى الحالة التي وصل إليها الناس في عصر معاوية ويزيد *.
​إنّ الإمام الحسين قد تحرّك ليعيد الحياة النابضة بالحرية والإرادة والعزة والكرامة والوحدة إلى جسد المجتمع الإسلامي . وكانت حركة الإمام الحسين بمستوى الخطر الذين كان يُهدّد الإسلام والمجتمع الإسلامي . وفيما يلي نماذج من حركة الإمام الحسين ، وما وراءها من أهداف، وما فيها من دروس، لتقديمها للشعب العراقي :
أولاً : خطب الإمام الحسين (ع) في جمع من بني هاشم وعدد كبير من الأنصار والتابعين، وممّا قال : " إن هذا الطاغية – يعني معاوية – قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم … فاسمعوا مقالتي، واكتبوا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، فمَنْ أمنتم من الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقّنا، فإني أتخوّف أن يُدْرَسَ هذا الأمر، ويذهب الحق، ويغلب الباطل، والله مُتمُّ نوره ولو كره الكافرون " (1)
​هذه الخطبة تعكس موقفاً للإمام الحسين من حكومة معاوية (حكومة السلطة السفيانية)، ويهدف هذا الموقف إلى تحقيق الأهداف التالية :
1 – أنّ القيادة الدينية والشرعية للأمة المتمثلة بالحسين (ع) آنذاك تُراقب ما تقوم به الحكومة السفيانية بوعي تام .
2 – أن القيادة الدينية والشرعية أعلنت للأمة بكل وضوح أن الخطّة السفيانية تهدف إلى القضاء على الإسلام الأصيل ( فإني أتخوف أن يُدْرَسَ هذا الأمر، ويذهب الحق، ويغلب الباطل )
3 – أنّ القيادة الدينية والشرعية أوضحت للأمة أنّ المستهدف الرئيس من قبل السلطة السفيانية هم حملة الإسلام الحقيقيون الواعون، وهم أهل البيت وأتباعهم المخلصون، لكي تخلو ساحة الأمة الإسلامية منهم، ويشغلها طلاب الدنيا والمال والمناصب، ومنهم رجال يتكلمون باسم الدين، ويلبسون لباسه، اشترت السلطة السفيانية ضمائرهم، ووظّفتهم للتمويه على الأمة، وخلط الأوراق عليها، لتحقق تلك السلطة مخططاتها وأهدافها الشيطانية .
4 – وجّهت القيادة الدينية والشرعية الأمة للقيام بواجبها، وهو الالتفاف حول القيادة الدينية والشرعية، ودعمها لمقاومة الخطة الشيطانية للسلطة السفيانية التي تستهدف القضاء على الإسلام الأصيل وحملته الحقيقيين .
​والدرس الذي نستلهمه من هذا الموقف هو أنّ عدوّ الإسلام والمسلمين الذي مازال يفرض سُلطته في العراق قام ويقوم بدور السلطة السفيانيّة (سلطة معاوية وابنه يزيد)، فهو يستهدف القضاء على الإسلام الأصيل وحملته الحقيقيين، وأبرز معالم هذا الدور :
- فرض سياسة الرضا بالأمر الواقع .
- السعي إلى إذلال الشعب العراقي، وإفقادهم عزّتهم وكرامتهم وإرادتهم بشتّى فنون الإرهاب .
- السعي إلى سلب الشعب العراقي القدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإعلان البراءة من أعداء الله، والجهاد في سبيل الله، ونصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين .
- السعي إلى تفتيت وحدة المسلمين بطرق كثيرة أصبحت واضحة لكلّ مُهتم بأمور المسلمين
- السعي إلى نشر الفساد الأخلاقي بين المسلمين بقصد إلغاء المناعة الأخلاقية عندهم، وتدمير إرادتهم السياسية .
- خلط الأوراق على الأمة بواسطة ابتداع (الجماعات الإسلامية الإرهابية) ، فلا تستطيع الأمة التمييز بين الإرهابيين وبين حملة الإسلام الحقيقيين، وبذلك تستطيع أن تلصق تهمة الإرهاب بمن تشاء من حملة الإسلام الحقيقيين، لأجل القضاء عليهم أو عزلهم عن الأمة .
​​إنّ دور السلطة السفيانية تجاه الشعب العراقي يهدف إلى إعادة الأمة إلى جاهلية جديدة تحمل اسم الإسلام، وتستمد وجودها من دين أمريكا المتمثل بالديمقراطية وثقافة الإنسان الغربي .
​إنّنا نستلهم من حركة الإمام الحسين هذه أنْ تقوم القيادة الدينية، وعلماء الأمة المخلصون في العراق بمراقبة ما تفعله سلطة الاحتلال بوعي تام، وإخضاع كل فعل يصدر عنها للدراسة والبحث، لأجل التعرف إلى خططها تجاه المسلمين، وأنْ لا *تُصدّق بوعود السلطة السفيانية بالانسحاب من العراق نهاية هذا العام، وأن تكشف القيادة الدينية وعلماء الأمة المخلصون ومثقفوها الواعون بكلّ وضوح للأمة أنّ السلطة السفيانية في العراق تسعى إلى تدمير جميع مصادر قوتهم المادية والمعنوية .
*
ثانياً : قال الإمام الحسين (ع) في رسالة كتبها إلى معاوية : " إني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولاية الأشرار عليها، ولا أعظم نظراً لنفسي ولديني ولأمة محمد (ص) من أن أجاهرك … " (2)
​كلمة الإمام الحسين (ع) هذه تُعبّر عن موقفه من السلطة السفيانية الحاكمة، ويهدف إلى كشفها للمسلمين على أنّها تمثل (ولاية الأشرار على الأمة)، وأنّ ولاية الأشرار على الأمة هي أعظم فتنة عليها، لأنّها تحرف الأمة عن الإسلام الأصيل بالمكر والدهاء، وبالقوة والإكراه، وتُؤسّس في الأمة ديناً جديداً يستمدّ وجوده من ثقافة الأشرار ودينهم المنحرف، ويهدف أيضاً إلى بيان أنّ أفضل عمل تقوم به القيادة الدينية والعلماء المخلصون والمسلمون الواعون في زمن (ولاية الأشرار على الأمة) هو مُجاهرتها بالقول والفعل، وكشف مُخطّطاتها للأمة .
​إن الدرس الذي نستلهمه من هذا الموقف هو أن تقوم القيادة الدينية في العراق وعلماء الأمة المخلصون ومثقفوها الواعون بمجاهرة السلطة السفيانية في العراق التي تُمثّل هذا اليوم (ولاية الأشرار على الأمة) بعبارة واضحة صريحة، لا خجولة ولا مُعمّاة وهي : أنّ ما يحدث في العراق من قتل الأبرياء، وسفك الدماء، واستهداف أضرحة الأئمة من أهل البيت (ع) والمساجد ودور العبادة، وجرّ الأمة إلى الفتنة الطائفية هو بتدبير من هذه السلطة وتنفيذ عملائها، لكي تشخص الأمة عدوها الرئيس الذي يُريد بها شراً، ولا ينصرف انتباهها عنه إلى أعداء وهميّين، فتضيع في الفروع وتنسى الأصل .
*
ثالثاً : بايع الناس يزيد بن معاوية بالخلافة، وصارت خلافته أمراً واقعاً مُسلَّماً به في الأمة، ولكن الحسين بن عليّ (ع) لم يُبايع، ولمّا أمر يزيد واليه على المدينة أن يأخذ البيعة من الحسين تحت أيّ ظرف كان، أرسل الوالي إلى الحسين وطلب منه أنْ يُبايع يزيد بالخلافة، فرفض الحسين طلبه بشدّة، وحين ألحّ الوالي على الحسين بإتمام البيعة ليزيد، وهدّده مروان بن الحكم بالقتل إنْ لم يفعل، قال : " إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق فاجر مُستهتر، ومثلي لا يبايع مثله …" (3) ونصحه أخوه محمد بن الحنفية قائلاً: " يا أخي تنحّ ببيعتك عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت، وابعث رسلك إلى الناس، فإنْ بايعوك حمدتَ الله على ذلك، وإنْ اجتمعوا على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب مروءتك" فقال له الحسين : " والله يا أخي لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعتُ يزيد بن معاوية " (4)
كان يزيد معروفاً قبل أنْ يصبح خليفة بأنّه فاسق فاجر شارب للخمر،غير مُهتم بالإسلام والمسلمين، فأراد أنْ يجعل الأمة ترضى بالأمر الواقع، وهو تسلّطه على رقابها، وتغيير معالم دينها ومُعتقداتها وفق الرؤية السفيانية، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بأخذ البيعة له من الإمام الحسين (ع)، لأنّ الأمة تنظر إلى الحسين على أنّه صاحب الحقّ الشرعي في مقعد قيادة الأمة الذي وضع فيه يزيد نفسَه بغير حق . فما هو موقف الحسين من ذلك ؟
لقد كان موقفه واضحاً أعلنه في كلمة لا لبسَ فيها، لقد رفض الإمام الحسين سياسة فرض الأمر الواقع، لقد رفض النزول على إرادة السلطة السفيانية بالقهر والإكراه، ولو أدّى ذلك إلى قتله، وبيّن أنّ سبب هذا الرفض هو أنّ الحسين يمثل القيادة الدينية والشرعية للأمة، وأنّ وظيفة هذه القيادة الحفاظ على الإسلام الأصيل الذي جاء به محمد (ص)، وأنَّ رضا هذه القيادة بالسلطة السفيانية، أو السكوت عليها يعني إضفاء الشرعية على وجود هذه السلطة في مركز قيادة الأمة، وهو الأمر الذي يُؤدّي إلى ضياع الإسلام، والقضاء على حملته الحقيقيين
الإمام الحسين – وهو القائد الإلهي – كان أمامه عدّة طرق، الأول : البيعة ليزيد، الثاني : السكوت عنه، الثالث : الذهاب إلى مكان بعيد عن سلطة يزيد، مثل اليمن، ليأمن على نفسه، وعلى أهل بيته. وسلوك هذه الطرق الثلاثة يؤدي إلى الرضا بالأمر الواقع الذي ينتج عنه ضياع دين محمد، وعودة الأمة إلى جاهلية جديدة تحمل اسم الإسلام وتستمد وجودها من ممارسات يزيد . والطريق الرابع : أنْ يرفض سياسة فرض الأمر الواقع والرضا به، وأنْ يعلن للأمة بعبارة واضحة شديدة رفضه لسلطة يزيد السفيانية، ولو أدى ذلك إلى قتله .
إنَّ الإمام الحسين (ع) أعلن للأمة بعبارة واضحة لا لبسَ فيها رفضه لسلطة يزيد السفيانية ، لأنّه (ع) يعلم أنه لو بايع يزيد أو سكت عنه، أو تنحّى عنه إلى مكان بعيد، فإنَّ هذا الموقف ينتجُ عنه ما يلي :
1 – وضْعُ سابقة ومبدأ في الأمة المسلمة وهي الرضا بالأمر الواقع، والقبول به، ولو كان ضدّ الإسلام ومصلحة المسلمين .
2 - خلط الأوراق على الأمة في التعرّف إلى القيادة الصالحة التي يجب موالاتها وطاعتها، فلو أقدم الحسين على بيعة يزيد أو سكت عنه فقد يعني ذلك عند الأمة أنه قَبِلَ بقيادة يزيد، فمن منهما في هذه الحالة تجب موالاته وطاعته ؟ فإن كان هو الحسين فلماذا بايع يزيد ؟ أو سكت عن مُمارساته في الأمة ؟ أو تنحّى بنفسه وأهل بيته إلى مكان بعيد ؟ وإن كان هو يزيد فكيف تجب موالاته وطاعته وهو فاسق فاجر. وحين تختلط الأوراق على الأمة تُصاب بنكسة ورِدّة تفقدها هويتها ، ويُصاب حملة الإسلام الحقيقيون خاصة بخيبة كبيرة تُؤدّي بهم إلى الانزواء والتقوقع، وتبرز في المجتمع الكتلة الشيطانية التي تقوده حسب أهوائها نحو الهلاك .
3 – إضفاء الشرعية على السلطة المنحرفة الفاسقة في قيادة الأمة المسلمة
4 – إعطاء الفرصة والوقت الكافي للسلطة السفيانية لتحريف الإسلام وتشويهه وطمس بعض معالمه، وحينئذٍ تظهر في الأمة حالة جاهليّة تحمل اسم الإسلام وتستمد وجودها من ممارسات يزيد، فيضيع دين محمد .
5 – فقدان الأمة حريتها في قول رأيها في الحكم، أو أيِّ نظرية سياسية مُخالفة لنظرية يزيد وحينئذٍ تفقد الأمة قدرتها على اختيار قيادتها الصالحة .
6 – مُصادرة حرية الناس، وتعميق حالة الذلّ والانكسار عند الأمة، وحينئذٍ يموتُ ضمير الأمة، وتفقد الأمة قدرتها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تستطيع أنْ تقف بوجه الظالم المستبد *ولا تستطيع نصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين والوقوف إلى جانب المستضعفين . والأمة التي يموت ضميرها تُصبح أمة لا يهزّ مشاعرها تضوّر جائع، ولا ألم محروم أو مسكين، ولا دمعةُ أُمّ على وليدها المقتول بسيف الظالم، ولا آهة زوجة تندب حاميها ورفيق دربها الذي قتله الظالم، ولا أنَّةُ جريح يتشحط بدمائه التي سفكها الظالم .
​إنَّ الإمام الحسين (ع) رفض بيعة يزيد، ولم يسكت عنه، لأنه كان يعلم أنَّ كلَّ تلك النتائج التي تقدّمت سوف تترتَّبُ على بيعته ليزيد أو سكوته عنه، أو عزل نفسه عن الأمّة والتوجّه إلى مكان بعيد .
والدروس التي نستلهمها من هذا الموقف كثيرة منها
1 – أنّ السلطة السفيانية في العراق تفرض على الأمة في العراق سياسة القبول بالأمر الواقع، إنّها تريد منا أنْ نفهم أنّ وجودها في العراق أمر واقع، وأنّ علينا قبوله شئنا أم أبينا . ويجب علينا أنْ نرفض هذه السياسة، وأن نقول لهذه السلطة : لا لوجود أيّ فرد من أفرادها العسكريين والأمنيين، لا لحمايتها لنا ولأرضنا ولسمائنا، لا لمشاريعها واستثماراتها في بلادنا، لا لصداقتها لنا، لا لمعاهداتها التي تريد إبرامها معنا، لا لإعطائها أفضليّةً في في التنقيب عن النفط وشرائه، وأنْ لا تأخذنا في الله لومة لائم . وأنّ على القيادة الدينية في العراق أنْ تقوم بدورها في هذا الشأن كما قام الحسين بدوره إزاء سلطة يزيد، لأنّ الرضا بالأمر الواقع أو السكوت عنه يُؤدّي إلى ضياع الإسلام الأصيل وحملته الحقيقيين ، وحينئذٍ لا ينفع ندم أو إصلاح .
2 – ولو رضي علماء الأمة ومفكروها ومثقفوها المخلصون بالأمر الواقع في العراق، أو في أي بلد إسلامي، أو سكتوا عن ذلك، فماذا يحدث لعامة المسلمين إذا غشيهم ظلام الجور وأطبق عليهم، ولم يجدوا نوراً يحمله علماء الأمة ومفكروها ومثقفوها المخلصون، ليهتدوا به إلى سبيل النضال والثورة ضد الظلم والجور ؟!
3 – ولو رضي علماء الأمة الإلهيون ومفكروها ومثقفوها المخلصون بالأمر الواقع الذي تريد السلطة السفيانية أنْ تفرضه في العراق، أو سكتوا عنها فماذا يحدث لوحدة العراق، ولوحدة الأمة العراقية، ولوحدة العرب، ولوحدة الأمة الإسلامية ؟!
4 – ولو رضي علماء الأمة المُسْتَأْمَنون على الأمة ومفكروها ومثقفوها المخلصون بالأمر الواقع الذي تريد السلطة السفيانية أنْ تفرضه على الأمة، أو سكتوا عمّا عزمت على أنْ تفعله في مناهج تعليم أبناء الأمة، وأسس ثقافتها، ومعالم دينها، فماذا يحدث للإسلام بعد ذلك ؟!
5 – ولو رضي علماء الأمة ومفكروها ومثقفوها المخلصون بالأمر الواقع الذي تريد السلطة السفيانية أنْ تفرضه على الأمة في العراق، أو سكتوا عنها، ولم يكن في الأمة حُسينٌ يرفع شعار (لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد )، فماذا يحدث لحرية الإنسان في العراق وكرامته ؟! وماذا يحدث لضمير الإنسان العراقي ؟!
* *
رابعاً : لقد خرج الإمام الحسين (ع) من المدينة المنورة بسرعة بعد رفضه بيعة يزيد، معلناً ثورته وتمرّده على سلطته، وتوجّه إلى مكة المكرمة، وبقي في مكة يُعبّأ الناس للثورة على سلطة يزيد ، ولم يبقَ طويلاً في مكة، بل خرج منها قبل يوم من الوقوف بعرفات وهو يحثّ الخطى نحو الكوفة… ونصحه بعض أصحابه أنْ يُؤخّر خروجه إلى الكوفة، لكي تنجلي له نيات الناس فيها، ويصله من مسلم بن عقيل ما يُوضّح له الأمر بالمجيء إلى الكوفة أو عدم المجيء إليها، ولكن الحسين واصل السير نحو الكوفة، وأعلن للملأ بعبارة واضحة : " ألا من كان منكم باذلاً فينا مُهجته، مُوطّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإني راحل مُصبحاً إن شاء الله " (5) . وحين نصحه أخوه محمد بن الحنفية ألاّ يذهب إلى الكوفة، قال الحسين : "شاء الله أنْ يراني قتيلاً " ، قال أخوه : فما معنى حملك هذه النسوة ؟ قال الحسين : " شاء الله أنْ يراهنّ سبايا " (6)
يكشف هذا المقطع من ثورة الإمام الحسين (ع) عن موقفين له، الأول : الإسراع بإعلان الثورة والتمرد على سلطة يزيد، والإسراع بالخروج من المدينة المنورة نحو مكة فالكوفة. والثاني: الكشف عن مصيره بأنّه سينتهي بقتله وقتل أهل بيته ومَن يلتحق به من أصحابه وسبي نسائه.
إنّ الهدف من إسراع الإمام الحسين (ع) بإعلان الثورة على سلطة يزيد، ثم الإسراع بالخروج من المدينة المنورة إلى مكة ثم الكوفة هو عدم إعطاء الفرصة للسلطة السفيانية لتقوم بشراء ضمائر طلاب الدنيا والمال والمناصب في الأمة من علماء السوء والرواة والمُحدِّثين وأصحاب الوجاهة والرأي، ليقوموا بالتمويه على الأمة الإسلامية، وإظهار يزيد لها بمظهر الخليفة الشرعي الذي يُريد لهذه الأمة خيراً، وإقناعها بالتسليم له والرضا بحُكمه، وأيضاً عدم إعطاء يزيد الوقت للقيام باغتيال القيادة الدينية والشرعية للأمة، فإنّ يزيد كان قد أعدّ خطة لاغتيال الإمام الحسين ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة، وأيضاً عدم إعطاء يزيد الوقت للقيام بتصفية حملة الإسلام الأصيل بالقتل أو السجن، وأيضاً عدم إعطاء يزيد الوقت لاستعمال وسائل الإعلام في وقته لإظهار الحسين وأصحابه وحملة الإسلام الأصيل بمظهر الخوارج على السلطة الشرعية التي قبلتها الأمة ورضيت بها .
أما الهدف من الكشف عن مصيره فهو تركيز حقيقة مُهمة في ضمير الأمة الإسلامية على مرّ العصور، وهي أن الإسلام وأمته إذا تعرضا للخطر، فإنّه يجب على أبناء هذه الأمة أنْ يضحوا بكلّ شيء عندهم مهما كان غالياً في سبيل الحفاظ على الإسلام وصيانة أمته. ولأجل ذلك كانت تضحية الحسين مأساة عظيمة بمستوى عظمة الخطر الذي كان يُهدّد الإسلام الأصيل ويُهدّد وجود الإنسان الكريم العزيز، لقد كانت تضحيتُه مأساةً لم تشهد لها البشرية مثيلاً، مأساةً يهتز لها وجدان البشرية وضميرها، وتنفذ إلى عقلها ووعيها، وتبقى خالدة على مر الزمان، وما دام على الأرض إنسان .
إنّ الدرس الذي نستلهمه من موقف الحسين الأول هو أن سلطة الاحتلال السفيانية في العراق تريد أنْ تستفيد من الوقت في شراء ضمائر الناس من طلاب الدنيا بالدولار والمنصب، وخاصة العلماء منهم، وأصحاب الرأي والكلمة والوجهاء ورؤساء الأحزاب والجمعيات، ليكونوا لها أنصاراً، وليموهوا على الأمة حقيقة هذه السلطة وأهدافها في العراق، وليظهروها بمظهر الضيف الذي يُريد خيراً لأهل البيت، وتُريد أنْ تستفيد من الوقت لتقوم بتفريق كلمة الأمة وتقسيم وطنها وزرع الفتنة بين طوائفها، وتُريد أنْ تستفيد من الوقت لتصفية قادة الأمة وحملة الإسلام الحقيقيين بالقتل أو السجن، وتُريد أنْ تستفيد من الوقت لتنفيذ خطتها في فكّ عُرى الإسلام عروة بعد أخرى، وتُريد أنْ تستفيد من الوقت لزرع الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي، وتفتيت العراق إلى أقاليم مُتناحرة وُتخاصمة .
وأن على القيادة الدينية والعلماء المخلصين والمثقفين الواعين وأصحاب الضمائر الحية من أبناء الأمة أن لا يُعطوا لها الوقت لتقوم بكل ما تريد أن تفعله بالعراق وأهله، وأنْ يُرغموها على مُغادرة العراق سريعاً دون تأخير أو تباطُؤ، وإنْ تطلّب الأمر إلى استعمال القوّة .
أما الدرس الذي نستلهمه من موقف الحسين الثاني فهو أنّ الإسلام وأمّته يتعرضان إلى خطر عظيم من قبل القوّة السفيانيّة في العراق وفي العالم، وأنّ على الأمة بما فيها من قادة دينيين وعلماء مخلصين وأدباء ومثقفين واعين وعامة أبنائها المخلصين أنْ ينهض الجميع بواجبهم في الدفاع عن الإسلام وأمته بكل ما يستطيعون عليه من قول أو فعل، وان يكون عطاؤهم بمستوى الخطر الذي يهدد إسلامهم وأمتهم .
وفي نهاية هذا الحديث اتوجّه إلى خطباء المنبر الحسيني بالرجاء في أنْ يستفيدوا من إثارة عواطف الناس، وإنزال الدمعة من مآقيهم لربطها بدرس من دروس الثورة الحسينية المباركة، وهي كثيرة، ودفعهم باستغلال العاطفة إلى العمل بتلك الدروس .
*
* * * * *
الهوامش :
1 – قراءة في تحرك الإمام الحسين (ع)، محمد علي الحلو، مجلة النور، العدد 63 ، 64 ، أيلول – تشرين أول، 1996 م ، نقلاً عن ( نهج بلاغة الحسين، مصطفى الموسوي الحائري )
2 – بحار الأنوار : 44 / 212 – 213
3 – سيرة الأئمة الاثني عشر، هاشم معروف الحسني ، 2 / 53
4 – المصدر السابق : 2 / 54 – 55
5 – المصدر نفسه : 2 / 90
6 – المصدر نفسه : 2 / 91
*
*

الشيخ ابوسند حيدر الفاضل
12-18-2011, 10:49 AM
حيا الله ابو هزاع طرح مميز وانشالله نتخذ من الثورة الحسينية دروس لبناء مجتمع فعال بانسانيته *