المحامي سيف ال سدخان
03-29-2012, 08:24 AM
http://im13.gulfup.com/2012-03-29/1333010561491.jpg (http://www.gulfup.com/show/Xa0a4ahdnsbkkc)
*
عادت بغداد إلى محيطها العربي بعد انقطاع تمدد في زمن شهد انقلابا في خريطة العراق السياسية.. نظام سقط وأصبح صفحة في كتاب التاريخ.. واحتلال حمل عصاه على كاهله ورحل.. ونظام جديد تتصارع فيه الإرادات لرسم وجه عراق مختلف.. وتمدد في جغرافيا بلاد لم تعد كما كانت.. اختفت من على بوابتها يافطات الوطن العربي الكبير.. استبدلت بيافطات أقاليم تاهت فيها الأسئلة واختلفت وتباينت الإجابات.. نسب جامع تعرض لقصف مدافع ثقيلة تأتي قذائفها من وراء البحر أحيانا ومن داخل الإقليم في أغلب الأحوال..
*
عاد العرب ليعقدوا قمتهم الأولي ـ بعد عواصف الربيع العربي ـ في بغداد.. التي حرصت أن تعيد طلاء وجهها لإزالة تجاعيد تراكمت بعد آخر قمة عربية عقدت في بغداد خلال شهر آيار عام 1990.
*
ومنها تأتي أهميتها.. وهو ما أكده وزير خارجية العراق، هوشيار زيباري: “إن استضافة بغداد لأعمال القمة للمرة الأولى منذ 1990 بمثابة رسالة لعودة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي، واندماجه في منظومة العمل العربي بعد سنوات طويلة من العزلة”.
…………..
لهذا كان واجباً علينا في “الجديدة” أن نعد هذا الملف ليكون مواكبا لانعقاد القمة، اليوم (الخميس 29/3/2012).. نأمل أن توفق في تحقيق جدول أعمالها..
عودة.. بعد طول انقطاع..
قمة سرت
آخر قمت انتظمت قبل عواصف الربيع العربي، كانت هي القمة العادية (الثانية والعشرين) التي عقدت برئاسة العقيد معمر القذافي، في سرت بليبيا في 28 مارس/ آذار 2010. وقد هيمنت على أعمالها مسألة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
واتفق القادة العرب على موعد القمة القادمة ليكون في آذار/ مارس 2011 في بغداد. لكن القمة تأجلت في خضم الثورات وحركات الاحتجاج التي اجتاحت عددا من الدول العربية، بينها مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا.
وخلال هذه الفترة، أطاحت الثورات والاحتجاجات بالعقيد الليبي معمر القذافي، وأجبر الرئيس المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي واليمني علي عبد الله صالح، على التنحي بعد عقود من استلامهم الحكم..
وتأتي القمة في ظل تغيرات في المنطقة العربي سوف تلقي بالطبع بظلالها.. فقد فاز الإسلاميون بالغالبية في انتخابات تونس ومصر والمغرب، وباتوا القوة الكبرى في اليمن ويمكن أن يلعبوا دورا أساسيا في سوريا في حال سقوط النظام. وتضفي هذه التغيرات نظريا طابعا إسلاميا على القمة بعد أن ظلت الجامعة العربية متأثرة لعقود بأيديولوجية قومية عربية.
وتنعقد القمة العربية في بلد لا يزال يعاني من أعمال عنف يومية منذ اجتياحه لإسقاط نظام صدام حسين قبل نحو تسعة أعوام، وما زالت حدة التوتر الطائفي مرتفعة. وتشهد العاصمة منذ أكثر من أسبوع إجراءات أمنية مشددة تقلل من احتمال وقوع أعمال عنف إلا أنها تلقي في الوقت ذاته بثقلها على أعمال قمة «ستكون قمة مصغرة: 12 زعيما على الأكثر سيقضون أقل من 12 ساعة في بغداد وسيغادرون في اليوم ذاته من دون قضاء ليلة» في العاصمة العراقية.
جدول أعمال القمة:
اجتماع وزراء الخارجية
المحاور السبعة المعدة للمناقشة في قمة بغداد هي:
تقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل العربي المشترك والقضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا واليمن والأوضاع في الصومال وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وسبل مكافحة الإرهاب.
كما يتضمن جدول الأعمال، أيضا، النظام الأساسي للبرلمان العربي الدائم، وقضايا التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، وتقييم العمل العربي المشترك، وآليات إعادة هيكلة الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها، وقضية الإرهاب وتأثيراتها على دول المنطقة.
وجدول.. خارج الأوراق الرسمية:
قمة بغداد محطة مهمة لدول مجلس التعاون الخليجي؛ فهي القمة العربية الأولى في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين. ولتدفق القيادات الخليجية إلى قمة بغداد دلالات سياسية وأمنية واقتصادية واستراتيجية ثنائياً وإقليمياً ودولياً.
ووضعت دول مجلس التعاون الخليجي شقاً آخر لاستراتيجيتها قوامه العراق بذاته وببعديه الإيراني والسوري. لذلك عكفت هذه الدول على إصلاح العلاقة مع العراق عبر القمة العربية وفي أذهانها سورية وإيران.
من هنا، ستكون قمة بغداد قمة إصلاح العلاقة الخليجية – العراقية بدءاً بالعلاقة السعودية – العراقية، فإعادة العراق إلى الحضن العربي هدف استراتيجي لدول مجلس التعاون ولجامعة الدول العربية.
وإذا تحقق ذلك، ينفتح مخرج لرئيس الوزراء العراقي نوري لمالكي الذي ساءت علاقته مع السنّة في العراق. فقد أبعَدَ عن الحكم الدكتور أياد علاوي، رئيس القائمة العراقية ورئيس الحكومة السابق، ثم دخل في خصومات كبيرة مع قيادات سنّية وكذلك مع قيادات كردية في العراق. لذلك، يرى أهل الخليج أن المودة الخليجية نحوه واحتضانه عربياً هما بمثابة «شهادة ميلاد جديدة للعراق» و«إنهاء للعزلة العراقية»، وفق مراقب خليجي مطلع.
وعلى العراق في المقابل اتخاذ إجراءات لوقف الدعم للحكومة السورية، وهذا أمر ليس بالغ الصعوبة لأن المواقف العراقية ابتعدت تدريجاً عن دعم نظام الأسد. ويرى الخليجيون أن مصلحة العراق ومصلحة المالكي تكمنان حالياً في «أوراق اعتماد عربية للعراق» تفصله عن الأهداف الإيرانية الجيوسياسية بالهيمنة على المنطقة العربية.
ويمكن تفصيل الموقف بأن الهدف السياسي هو دخول العراق في شبكة التفاهم السياسي الخليجي والعربي بما يؤدي إلى وقف اتحاده مع إيران والتوقف عن دعم سورية. أما الهدف الأمني فهو قيام تعاون وتبادل معلومات في مجال مكافحة الإرهاب بما يريح المالكي، فينفتح على الداخل ليكون رئيس وزراء العراق وجزءاً من صوت الاعتدال العربي. أما اقتصادياً، فالعمل جارٍ على تسهيل الاستثمارات، والتجارة الحرة، وبناء البنية التحتية من طرق ومواصلات واتصالات.
سوريا غياب رسمي وحضور الأزمة..
المالكي
عضوية سوريا في الجامعة العربية معلقة، على الرغم من ثقلها التاريخي في هذه المنظمة، وفرضت عليها عقوبات.. لكن رغم غيابها الرسمي سيكون ما جري فيها حاضرا وبقوة في اجتماع القمة ومناقشتها، وسط تباين في وجهات النظر بين الدول العربية حيال كيفية التعامل مع الأزمة السورية.
وبحسب نص مشروع القرار الخاص بسوريا فإن القمة العربية ستحمل السلطات السورية مسؤولية العنف وستدعو في الوقت ذاته إلى حوار بين الحكومة والمعارضة للخروج من الأزمة.
*
عادت بغداد إلى محيطها العربي بعد انقطاع تمدد في زمن شهد انقلابا في خريطة العراق السياسية.. نظام سقط وأصبح صفحة في كتاب التاريخ.. واحتلال حمل عصاه على كاهله ورحل.. ونظام جديد تتصارع فيه الإرادات لرسم وجه عراق مختلف.. وتمدد في جغرافيا بلاد لم تعد كما كانت.. اختفت من على بوابتها يافطات الوطن العربي الكبير.. استبدلت بيافطات أقاليم تاهت فيها الأسئلة واختلفت وتباينت الإجابات.. نسب جامع تعرض لقصف مدافع ثقيلة تأتي قذائفها من وراء البحر أحيانا ومن داخل الإقليم في أغلب الأحوال..
*
عاد العرب ليعقدوا قمتهم الأولي ـ بعد عواصف الربيع العربي ـ في بغداد.. التي حرصت أن تعيد طلاء وجهها لإزالة تجاعيد تراكمت بعد آخر قمة عربية عقدت في بغداد خلال شهر آيار عام 1990.
*
ومنها تأتي أهميتها.. وهو ما أكده وزير خارجية العراق، هوشيار زيباري: “إن استضافة بغداد لأعمال القمة للمرة الأولى منذ 1990 بمثابة رسالة لعودة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي، واندماجه في منظومة العمل العربي بعد سنوات طويلة من العزلة”.
…………..
لهذا كان واجباً علينا في “الجديدة” أن نعد هذا الملف ليكون مواكبا لانعقاد القمة، اليوم (الخميس 29/3/2012).. نأمل أن توفق في تحقيق جدول أعمالها..
عودة.. بعد طول انقطاع..
قمة سرت
آخر قمت انتظمت قبل عواصف الربيع العربي، كانت هي القمة العادية (الثانية والعشرين) التي عقدت برئاسة العقيد معمر القذافي، في سرت بليبيا في 28 مارس/ آذار 2010. وقد هيمنت على أعمالها مسألة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
واتفق القادة العرب على موعد القمة القادمة ليكون في آذار/ مارس 2011 في بغداد. لكن القمة تأجلت في خضم الثورات وحركات الاحتجاج التي اجتاحت عددا من الدول العربية، بينها مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا.
وخلال هذه الفترة، أطاحت الثورات والاحتجاجات بالعقيد الليبي معمر القذافي، وأجبر الرئيس المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي واليمني علي عبد الله صالح، على التنحي بعد عقود من استلامهم الحكم..
وتأتي القمة في ظل تغيرات في المنطقة العربي سوف تلقي بالطبع بظلالها.. فقد فاز الإسلاميون بالغالبية في انتخابات تونس ومصر والمغرب، وباتوا القوة الكبرى في اليمن ويمكن أن يلعبوا دورا أساسيا في سوريا في حال سقوط النظام. وتضفي هذه التغيرات نظريا طابعا إسلاميا على القمة بعد أن ظلت الجامعة العربية متأثرة لعقود بأيديولوجية قومية عربية.
وتنعقد القمة العربية في بلد لا يزال يعاني من أعمال عنف يومية منذ اجتياحه لإسقاط نظام صدام حسين قبل نحو تسعة أعوام، وما زالت حدة التوتر الطائفي مرتفعة. وتشهد العاصمة منذ أكثر من أسبوع إجراءات أمنية مشددة تقلل من احتمال وقوع أعمال عنف إلا أنها تلقي في الوقت ذاته بثقلها على أعمال قمة «ستكون قمة مصغرة: 12 زعيما على الأكثر سيقضون أقل من 12 ساعة في بغداد وسيغادرون في اليوم ذاته من دون قضاء ليلة» في العاصمة العراقية.
جدول أعمال القمة:
اجتماع وزراء الخارجية
المحاور السبعة المعدة للمناقشة في قمة بغداد هي:
تقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل العربي المشترك والقضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا واليمن والأوضاع في الصومال وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وسبل مكافحة الإرهاب.
كما يتضمن جدول الأعمال، أيضا، النظام الأساسي للبرلمان العربي الدائم، وقضايا التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، وتقييم العمل العربي المشترك، وآليات إعادة هيكلة الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها، وقضية الإرهاب وتأثيراتها على دول المنطقة.
وجدول.. خارج الأوراق الرسمية:
قمة بغداد محطة مهمة لدول مجلس التعاون الخليجي؛ فهي القمة العربية الأولى في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين. ولتدفق القيادات الخليجية إلى قمة بغداد دلالات سياسية وأمنية واقتصادية واستراتيجية ثنائياً وإقليمياً ودولياً.
ووضعت دول مجلس التعاون الخليجي شقاً آخر لاستراتيجيتها قوامه العراق بذاته وببعديه الإيراني والسوري. لذلك عكفت هذه الدول على إصلاح العلاقة مع العراق عبر القمة العربية وفي أذهانها سورية وإيران.
من هنا، ستكون قمة بغداد قمة إصلاح العلاقة الخليجية – العراقية بدءاً بالعلاقة السعودية – العراقية، فإعادة العراق إلى الحضن العربي هدف استراتيجي لدول مجلس التعاون ولجامعة الدول العربية.
وإذا تحقق ذلك، ينفتح مخرج لرئيس الوزراء العراقي نوري لمالكي الذي ساءت علاقته مع السنّة في العراق. فقد أبعَدَ عن الحكم الدكتور أياد علاوي، رئيس القائمة العراقية ورئيس الحكومة السابق، ثم دخل في خصومات كبيرة مع قيادات سنّية وكذلك مع قيادات كردية في العراق. لذلك، يرى أهل الخليج أن المودة الخليجية نحوه واحتضانه عربياً هما بمثابة «شهادة ميلاد جديدة للعراق» و«إنهاء للعزلة العراقية»، وفق مراقب خليجي مطلع.
وعلى العراق في المقابل اتخاذ إجراءات لوقف الدعم للحكومة السورية، وهذا أمر ليس بالغ الصعوبة لأن المواقف العراقية ابتعدت تدريجاً عن دعم نظام الأسد. ويرى الخليجيون أن مصلحة العراق ومصلحة المالكي تكمنان حالياً في «أوراق اعتماد عربية للعراق» تفصله عن الأهداف الإيرانية الجيوسياسية بالهيمنة على المنطقة العربية.
ويمكن تفصيل الموقف بأن الهدف السياسي هو دخول العراق في شبكة التفاهم السياسي الخليجي والعربي بما يؤدي إلى وقف اتحاده مع إيران والتوقف عن دعم سورية. أما الهدف الأمني فهو قيام تعاون وتبادل معلومات في مجال مكافحة الإرهاب بما يريح المالكي، فينفتح على الداخل ليكون رئيس وزراء العراق وجزءاً من صوت الاعتدال العربي. أما اقتصادياً، فالعمل جارٍ على تسهيل الاستثمارات، والتجارة الحرة، وبناء البنية التحتية من طرق ومواصلات واتصالات.
سوريا غياب رسمي وحضور الأزمة..
المالكي
عضوية سوريا في الجامعة العربية معلقة، على الرغم من ثقلها التاريخي في هذه المنظمة، وفرضت عليها عقوبات.. لكن رغم غيابها الرسمي سيكون ما جري فيها حاضرا وبقوة في اجتماع القمة ومناقشتها، وسط تباين في وجهات النظر بين الدول العربية حيال كيفية التعامل مع الأزمة السورية.
وبحسب نص مشروع القرار الخاص بسوريا فإن القمة العربية ستحمل السلطات السورية مسؤولية العنف وستدعو في الوقت ذاته إلى حوار بين الحكومة والمعارضة للخروج من الأزمة.