المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجواهري



الشيخ ابوسند حيدر الفاضل
08-06-2010, 09:38 PM
http://up.arab-x.com/Aug10/3AO70157.jpg (http://up.arab-x.com/)
العراق نهران أسطوريان .. ومع ذلك ، فهو وطن العطش والجوع والخريف المتأبّد ... ومن بين ثلاثين مليون نخلة عراقية ، يبقى الجواهري النخلة الأكثر سمواً وعطاء ً.. النخلة التي أصبحت بمفردها بستانا ً باتساع الوطن



إنه الجسر الذهبي الذي يربط بين الحلم واليقظة .. بين أرض الحروف وفضاء الإبداع .. الشهيد الحيّ الذي لم يُشنق بعد



وصف نفسه أنه لسان العراق ودمه وكيانه وملهب وعي الجموع وحادي القوافل ومطعم النيران باللهب وابن الفراتين وفراج الكروب والنجم الساطع وصلّ الفلا والصادح الغرد ...

ووصفه الآخرون بأوصاف عدة فراح الرصافي يسميه (ربّ الشعر) والبياتي (المدى والطائر القدسي) وحسن العلوي (ديوان العصر) وجبرا ابراهيم جبرا (النار والجوهر) ... وعشرات ألألقاب وأوصاف كثيرة أخرى قالها فيه وأطلقها عليه مثقفون وأدباء كبار من بينهم طه حسين وادونيس وبلند الحيدري وسعيد عقل ونزار قباني وسعدي يوسف وسليمان جبران وسميح القاسم وفوزي كريم وغيرهم عديد حاشد

محمد مهدي الجواهري شاعر العرب الأكبر (1899 النجف العراق - 1997 دمشق سوريا) هو شاعر عراقي، كان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف، أراد لابنه أن يكون عالماً دينيا، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة ...



حياته

وُلد محمد مهدي بن الحسين بن عبد علي بن صاحب الجواهر الشـيخ محمد حسن في النجف في سنة 1899 ودرس في المدرسة العلوية ثم أخذ علوم اللغة والأدب عن كبار مشايخ الغري ونبغ في الشعر مبكراً



تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر ، نسبة لأحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر الذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " . وكان لهذه الأسرة مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية

قرأ القرآن الكريم وهو في هذه السن المبكرة وتم له ذلك بين أقرباء والده وأصدقائه، ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة، فأخذ عن شيوخه النحو والصرف والبلاغة والفقه وما إلى ذلك مما هو معروف في منهج الدراسة آنذاك ... وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان المتنبي ليبدأ الفتى بالحفظ طوال نهاره منتظراً ساعة الامتحان بفارغ الصبر ، وبعد أن ينجح في الامتحان يسمح له بالخروج فيحس انه خُلق من جديد ، وفي المساء يصاحب والده إلى مجالس الكبار

أظهر ميلاً منذ الطفولة للأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .. كان قوي الذاكرة سريع الحفظ ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له. فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة

كان أبوه يريده عالماً لا شاعراً لكن ميله للشعر غلب عليه وفي سنة 1917 توفي والده وبعد انقضاء أيام الحزن عاد الشاب لدروسه وأضاف لها درس البيان والمنطق والفلسفة وقرأ كل شعر جديد سواء أكان عربياً أم مترجماً عن الغرب

وكان في أول حياته يرتدي العمامة لباس رجال الدين لأنه نشأ نشأةً دينيه محافظة واشترك بسبب ذلك في ثورة العشرين عام 1920م ضد السلطات البريطانية وهو مرتدي العمامة


الجواهري شاعرا



بدأ الجواهري بنشر قصائده في بغداد منذ سنة 1921 وفي سنة 1923 نشر كتيباً عنوانه "حلبة الأدب" يتضمن معارضاته لقصائد متنوعة لعدد من كبار الشعراء المعاصرين


أنتقل الجواهري إلى بغداد سنة 1927 فعيّن معلماً في بعض المدارس الابتدائية وفي هذه الفترة حدثت مشكلته المشهورة مع الأستاذ العلامة ساطع الحصري مدير المعارف العام على أثر نشر قصيدة له ذمّ فيها العراق ومدح إيران فاتهم بالشعوبية وفصل من وظيفته لكن وزير المعارف الذي كان يرعاه ويلتزم جانبه توسط في تعيينه بوظيفة كاتب في البلاط الملكي. وبعد ثلاث سنوات استقال من الوظيفة ثم أُعيد للتعليم أواخر السنة التالية ثم نقل لوظيفة في ديوان وزارة المعارف فمدرساً بإحدى المدارس الثانوية



بعد استقالته من بلاط الملك عام 1930 أصدر صحيفة "الفرات" ثم ألغت الحكومة امتيازها فبقي من دون عمل حتى عين معلما بمدرسة المأمونية في بغداد أواخر عام 1931



سـنة 1932 توفي أحمد شوقي وتزاحم الشعراء في كل قطر عربي لوراثة لقب "أمير الشعراء" ولم تكن إمارة الشعر منصباً يتحتم ملؤه إذا ماأصبح شاغراً بوفاة شاغله وإنما هو لقب شخصي منح لأحمد شوقي وانتهى بوفاته. ومع ذلك فقد تزاحم الشعراء على اللقب وكثر المرشحون له. أما الجواهري فقد أرسل باقة من شعره للدكتور طه حسين ليقرأه ويزكيه عله يرشحه للإمارة الشاغرة. وكان ذلك من مظاهر طموح الشاعر الشاب وثقته بنفسه. وعلّق "الزيات" على ذلك قائلاً إن طه حسين أعجب بشعر الجواهري وبقي هذا الإعجاب يتزايد حتى آخر أيام طه حسين



عام 1935 أصدر ديوانه الثاني باسم "ديوان الجواهري"

استقال الجواهري من التدريس نهائياً سنة 1936 واتهم بنشر القصائد السياسية في جريدة "الإصلاح" عرّض فيها بوزارة ياسين الهاشمي فارتأى وزير الداخلية رشيد عالي الكيلاني إحالة الجواهري للمجلس العرفي العسكري إلا أن رئيس الوزراء ياسين الهاشمي بما اتصف به من سعة الصدر والحلم لم يوافق على ذلك فاستدعى الجواهري ووعده بأنه يرشـحه لإحدى النيابات الشاغرة عن لواء كربلاء وقبل أن يتم ذلك وقع انقلاب بكر صدقي الذي أسقط وزارة ياسين الهاشمي فسارع الجواهري لتأييده وأصدر جريدة اسـمها "الانقلاب" أيد على صفحاتها وزارة بكر صدقي ومدح رئيسها وهاجم وزارة ياسين الهاشمي لكن وزارة الانقلاب لم ترشح الجواهري نائباً في الانتخابات التي أجرتها كما كان يتوقع بل استغلت بعض ما نشره بجريدته فأحالته على المحاكم وصدر الحكم عليه بالسجن بضعة أشهر

بعد خروجه من السـجن اختار لجريدته اسماً جديداً هو "الرأي العام" وكانت وزارة بكر صدقي قد استقالت بعد مقتل قائد الانقلاب بكر صدقي وأُقيمت لياسين الهاشمي حفلة تأبينية كبرى شارك فيها عدد من كبار شعراء العربية وخطبائها وطلب الجواهري أن يلقي فيها قصيدة في رثاء ياسين فرفض طلبه. وأيد الجواهري حركة أيار (مارس) 1941 المعروفة بحركة رشيد عالي الكيلاني

لما فشلت الحركة سافر لإيران ثم عاد في السنة نفسها واستأنف إصدار "الرأي العام" ونهج فيها نهجاً يسارياً واضحاً وعوتب حينها لاقتصاره في قصائده على مدح الجيش الأحمر وانتصاراته في سيباستوبول وستالينغراد فنظم قصيدته المشهورة "تونس" التي امتدح فيها الجنرال البريطاني مونتغومري وانتصاراته على قوات المانيا بقيادة الجنرال رومل شمال أفريقيا

عام 1944 شارك بمهرجان أبي العلاء المعري في دمشق. وسنة 1946 أصدر جريدة باسم "صدى الدستور" وانتخب نائباً عن كربلاء لكن المجلس لم يدم طويلاً وحلّ سـنة 1948 وفي تلك السنة سافر إلى لندن ضمن وفد صحافي عراقي وانفصل عن الوفد وبقي في لندن مدة ثم سافر لباريس وفيها نظم ملحمته الغزلية "أنيتا" ثم أقام بمصر مدة وعاد لبغداد فحرر في بعض صحفها

أصدر عامي 1949 و1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه بطبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينيات التي برز فيها شاعراً كبيراً.شارك عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية الذي عُقد في الإسكندرية. انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين. اعتقل بأبو غريب سنة 1952

أصدر جريدة "الجديد" في أيار (مايو) 1953 ثم غادر العراق لدمشق سنة 1956 فاتخذها سكناً وعهد له فيها بتحرير جريدة "الجندي" تصدرها رئاسة أركان الجيش السوري

عاد إلى بغداد في تموز 1957 وفي السنة التالية وقع الانقلاب العسكري بقيادة عبد الكريم قاسم فتحمس له الجواهري وأيده بشعره وأعاد إصدار "الرأي العام" وانحاز لليساريين وساير الشيوعيين وانتخب رئيساً لاتحاد الأدباء ونقيباً للصحافيين. وواجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين سبعة أعوام

في أكتوبر 1968عاد لبغداد فأُعيد انتخابه رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين عند إعادة وخصصت له الحكومة راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر



عام 1969 صدر له في بغداد ديوان "بريد العودة" . في عام 1971 أصدرت له وزارة الإعلام ديوان "أيها الأرق"وفي العام نفسه رأس الوفد العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر الأدباء العرب الثامن المنعقد في دمشق وفي العام نفسه أصدرت له وزارة الإعلام ديوان"خلجات"

عام 1973 رأس الوفد العراقي لمؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس


http://up.arab-x.com/Aug10/nHz70352.jpg (http://up.arab-x.com/)

بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر المغرب الأردن وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به لكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها واستراح *



كرمه الرئيس الراحل «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد



وفاته



توفي الجواهري في 27 تموز 1997 ودفن في دمشق بسوريا التي قضى بها آخر أيام حياته ورحل بعد أن تمرد وتحدى ودخل معارك كبرى وخاض غمرتها واكتوى بنيرانها فكان بحق شاهد العصر الذي لم يجامل ولم يحاب أحداً رحل وهو حزين مثل حزن العراق ويصف حاله في أبيات قيمة في المعنى ...



ولا تعجبوا أن القوافي حزينة *** فكل بلادي في ثياب حداد

وما الشعر إلا صفحة من حياتها *** وما أنا إلا صورة لبلادي



وكان وقع خبر وفاته كبيرا خصوصا على العراقيين والمثقفين والأدباء من العرب كيف لا وقد لقبه النقاد بشاعر العرب الأكبر ومتنبي العصر وصناجة العرب في القرن العشرين



وقد ولد الجواهري وتوفي في نفس الشهر وكان الفارق يوماً واحداً بين ميلاده ووفاته. فقد ولد في 26 تموز عام 1899 وتوفي في 27 تموز 1997



حدد الجواهري لنفسه موقعا في قلب التاريخ العراقي بما عاش من عمر مديد وما أرخ من أحداث جسام وما أثار من زوابع خلال سيرته السياسية والأدبية شاهدا على قرن بأكمله من عمر العراق المعاصر وكأنه كان يستعيد موقع راوي الملاحم في ثقافة الإغريق كما وصفه جبرا إبراهيم جبرا

كان للجواهري صداقات وخصومات ولم يثر أي شاعر ما أثاره من معارك أدبية وسياسية تنتصر له أو تتهجم عليه وليس هنالك شاعر كتب عنه النقاد في حياته بقدر ما كتبوا عن الجواهري ولم يلق أي شاعر ما لقيه الجواهري من تقدير وتكريم

http://up.arab-x.com/Aug10/KTL70263.jpg (http://up.arab-x.com/)







.................................................. .................................................. .................................................. ................

المحامي سيف ال سدخان
08-07-2010, 04:56 PM
والنعم من اخو فنوني ....مشكور وماتقصر