المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة الفرزدق بحق الامام زين العابدين



سالم الهزاع
10-23-2010, 10:23 AM
قصيدة الفرزدق

مناسبة القصيدة :
حج هشام بن عبد الملك في زمن خلافة أخيه الوليد بن عبد الملك ، وقد صحبته الشرطة ، واحتفت به الوجوه والأعيان من أهل الشام ، وقد صعب عليه الوصول الى الحجر الأسود لازدحام الحجيج ، وتدافعهم على تقبيل الحجر ، ولم يعنِ أحد بهشام ولم يفسح له ، فقد انعدمت الفوارق في ذلك البيت العظيم ، فنصب له منبر ، وجلس عليه ينظر إلى الناس ، وحوله أهل الشام ، وبينما هو جالس ، إذ أقبل ذو الطلعة الغراء ، الإمام علي بن الحسين (ع) . وكان من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم ريحاً ، ليؤدي طوافه ، فلما بصر به بعض من يعرفه من الحجاج ، نادى بأعلى صوته " هذا بقية الله في أرضه ، هذا بقية النبوة ، هذا إمام المتقين وسيد العابدين .. " ، وكانت بين عينيه ثفنات من أثر السجود ، كركب الأبل .
وغمرت الحجاج هيبة الإمام التي تعنو لها الوجوه والجباه ، وهي تحكي هيبة جده رسول الله (ص) ، وتعالت الأصوات من جميع جنبات المسجد بالتهليل والتكبير ، وانفرج الناس له سماطين فكان السعيد من يقبل يده ، ويلمس احرامه ، وضج البيت بالتكبير ، وذهل أهل الشام ، وبهروا من هذا المنظر الرهيب ، فانهم لا يرون أحداً جديراً بالتكريم والتعظيم ، غير الأسرة الأموية ، فهي وريثة النبي (ص) والقريبة إليه ، حسب ما أكده الإعلام الأموي ، وبادر الشاميون إلى هشام قائلين :


من هذا الذي قد هابه الناس هذه المهابة ؟
وكان الإمام (ع) كلما وصل إلى موضع الحجر الأسود تنحى الناس عنه ، حتى يستلمه ، هيبة له وإجلالاً ، فغاظ ذلك هشام ، وحسد الإمام (ع) على ما اتاه الله تعالى ووهبه إياه من الهيبة والعظمة والجلال ، وانتفخت أوداجه ، وتميز من الغيظ ، وبرزت عينه الحولاء .
فصاح هشام : لا أعرفه . وفي رواية أن هشاماً نفسه هو الذي قال : من هذا ؟ كـأنه نكره ولم يعرفه ، بالرغم من أنه يعرف الإمام (ع) حق المعرفة ، وإنما قال ذلك ، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ويزهدوا في بني أمية ، وللازدراء بالإمام (ع) وتهوين أمره وقدره ، وكان الفرزدق شاعر العرب الكبير حاضراً ، فاستيقظ ضميره ، واستوعب الحق فكره ، وقد أخذته الرعدة ، فاندفع بحماس قائلاً لأهل الشام : أنا أعرفه : فقال أهل الشام " ومن هو يا أبا فراس ؟ ... "
وذعر هشام ، وفقد صوابه مخافة أن يُعرّفه الفرزدق إلى أهل الشام ، فصاح به " أنا لا أعرفه ...... "
وعلا صوت الفرزدق بالإنكار عليه قائلاً : " بلى تعرفه " ، والتفت الفرزدق صوب اهل الشام قائلاً " يا أهل الشام من أراد أن يعرف هذا الرجل فليأتِ ........ "
وخف الشاميون وغيرهم نحو شاعر العرب الأكبر ، وقد استحالوا إلى أذن صاغية ، وانبرى الفرزدق ، وكله حماس لنصرة الحق ، فارتجل هذه القصيدة العصماء التي مثلت صدق القول وجمال الأسلوب وانشد على البديهة قصيدة طويلة في مدحه (ع) بين تلك الجموع قال فيها :

القصيدة :


يا سائلي أينَ حلَّ الجـودُ والكـرمُ
عندي بيـانٌ إذا طُلاّبـهُ قدمـوا
هذا الّذي تعرفُ البطحـاءُ وطأتـهُ
والبيتُ يعرفـهُ والحـلُّ والحـرمُ
هذا ابنُ خيـرِ عبـادِ اللهِ كلَّهـمُ
هذا التّقيُّ النَّقـيُّ الطّاهـرُ العلـمُ
هذا الّذي أحمـدُ المختـارُ والـدُهُ
صلّى إلهي عليهِ ما جـرى القلـمُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إنْ كنـتَ جاهلَـهُ
بجـدِّهِ أَنبيـاءُ اللهِ قـد خُتِـمـوا
هـذا علـيٌّ رسول اللهِ والـدُهُ
أَمستْ بنورِ هداهُ تهتـدي الأمـمُ
هذا الّذي عمُّهُ جعفرُ الطّيّـارُ وال
مقتولُ حمـزةُ ليـثٌ حبُّـهُ قسـمُ
هذا ابنُ سيِّـدةِ النّسـوانِ فاطِمـةٍ
وابنُ الوصيِّ الّذي في سيفِـهِ نقـمُ
مَنْ جدُّهُ دانَ فضـلُ الأنبيـاءِ لـهُ
وَفَضلُ أمتِّـهِ دانـتْ لـهُ الأمـمُ
لوْ يَعلمُ الرّكنُ منْ قدْ جـاءَ يلثُمُـهُ
لخرَّ يلثُمُ منـهُ مـا وطـى الْقَـدَمُ
فليسَ قولُكَ مـنْ هـذا بضائِـرِهِ
العُرْبُ تعرِفُ من أَنْكَرْتَ والعَجَـمُ
اللهُ شَـرَّفَـهُ قِـدمـاً وَفَضَّـلَـهُ
جرى بذاكَ لهُ فـي لَوحِـهِ القَلَـمُ
مُشتقَّـةٌ مـن رسـولِ اللهِ نبعتُـهُ
طابتْ عناصرُهُ والخيـمُ والشّيـمُ
ينشقُّ ثوبُ الدّجى عنْ نورِ غرّتِـهِ
كالشّمس ِينجابُ عن إِشْراقِها الظُّلَمُ
إذا رأَتْـهُ قريـشٌ قـالَ قائِلُهـا
إِلى مَكـارِمِ هـذا ينتهـي الكـرَمُ
يُغضي حياءً وَيُغْضى مـنْ مهابتِـهِ
فمـا يُكَلَّـمُ إلاّ حيـنَ يبتـسِـمُ
يكـادُ يُمسِكُـهُ عرفـانَ راحَتِـهِ
رُكنُ الحطيمِ إذا ما جـاءَ يستَلِـمُ
كلتا يديـهِ غيـاثٌ عَـمَّ نفعُهُمـا
يستوكفـانِ ولا يعروهُمـا نَـدَمُ
سهلُ الخليقةِ لا تُخشـى بـوادِرُهُ
يزينُهُ اثنانِ حُسْنُ الخَلْـقِ والكـرمُ
حمّالُ أثقـالِ أقـوامٍ إذا فُدِحـوا
حلْوُ الشّمائِلِ تحلـو عنـدَهُ نَعَـمُ
لايخلِفُ الوعـدَ مَيمـونٌ نقيبتُـهُ
رحْبُ الْفَناءِ أريـبٌ حيـنَ يعتـزِمُ
عمَّ البَرِيَّةَ بالإحسـانِ فانقَشَعَـتْ
عَنْها الغَيابَـةُ والإمـلاقُ والعَـدَمُ
ينمي إلى ذُروَةِ العِزِّ الّتي قَصُـرَتْ
عَنْ نَيْلِها عَرَبُ الإسْـلامِ وَالْعَجَـمُ
مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمُ ديـنٌ وَبُغْضُهُـمُ
كُفْرٌ وَقُرْبُهُـمُ مَنْجـىً وَمُعْتَصَـمُ
إِنْ عُدَّ أَهْلُ التُّقى كانـوا أَئِمَّتَهُـمْ
أَوْ قيلَ مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الأرْضِ؟ قيلَ هُمُ
لا يستَطيعُ جـوادٌ بُعْـدَ غايَتِهِـمْ
وَلايُدانيِهِـمُ قَـوْمٌ وَإِنْ كَـرُمـوا
هُمُ الغُيوثُ إِذا ما أَزْمَـةٌ أَزِمَـتْ
وَالأُسْدُ أُسدُ شرىً والبأْسُ مُحْتَـدِمُ
لا يقبضُ العُسْرُ بسطاً منْ أَكُفِّهِـمُ
سيّانَ ذلكَ إِنْ أثـروا وإنْ عُدِمـوا
يُسْتَدْفَعُ السّوءُ والبلـوى بِحُبِّهِـمُ
ويُسترَبُّ بِـهِ الإحسـانُ والنِّعَـمُ
مُقَـدَّمٌ بَعْـدَ ذِكـرِ اللهِ ذكرُهُـمُ
في كُلِّ بدءٍ وَمَخْتـومٌ بـهِ الكَلِـمُ
يأبى لهمْ أَنْ يَحِلَّ الـذّمُّ ساحَتَهُـمْ
خيمٌ كريمٌ وَأَيْـدٍ بالنَّـدى هُضَـمُ
أَيُّ الْخَلائِقِ ليْسَـتْ فـي رِقابِهُـمُ
لأوّليّـةِ هـذا أو لَــهُ نِـعَـمُ؟
مَنْ يَعْـرِفِ اللهَ يعـرِفْ أَوَّليَّـةَ ذا
فالدّينُ منْ بيتِ هذا نالَـهُ الأُممثم قال الفرزدق هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
وثار هشام بن عبدالملك ، وخرج من إهابه حينما سمع بهذه الأبيات وود أن الأرض قد ساخت به ، فقد دللت على واقع الإمام العظيم ، وعرفته لأهل الشام الذي جهلوه وجهلوا آبائه (ع) ، فقد أشاد الفرزدق بمنزلة الإمام ، وجعل الولاء جزءاً لا يتجزأ من الإسلام ، وأنه أفضل إنسان تضمه سماء الدنيا في ذلك العصر .
وأمر هشام با عتقال الفرزدق ، فاعتقل واودع في سجون عسفان ، وهو منزل يقع ما بين مكة والمدينة ، وبلغ ذلك الإمام زين العابدين (ع) فبعث إليه بإثنى عشر ألف درهم ، فردها الفرزدق ، وقال : إني لم أقل ما قلت إلا غضباً لله ولرسوله ، ولا آخد على طاعة الله أجراً ، فأعادها الإمام (ع) وأرسل إليه : نحن أهل بيت لا يعود إلينا ما اعطينا ، فقبلها الفرزدق .

المحامي سيف ال سدخان
10-23-2010, 01:43 PM
اشكرك كثيرا على طرحك الكريم لهذا الموضوع وبالصدفه كنت اقرأ هذه الابيات واتاملها البارحه ليلا في السيره النبويه لابن هشام...........

سالم الهزاع
10-23-2010, 10:15 PM
أبو مخلد ابن العم نورتني في مرورك وازداد فخرا بوجودك صورتك في هذه الصفحة

ادارة الموقع
10-24-2010, 07:45 AM
قصيدة لامعه، وحسب ماقراة في كتب التاريخ ظل الفرزدق هرب خوفا من بطش هشام بن عبد الملك حتا مماته

مشكور يالهزاع

الشيخ ابوسند حيدر الفاضل
10-25-2010, 12:36 AM
تسلم يالهزاع على هذه القصيدة الخالده