المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى ظهر لقب الافندي في العراق؟



الشيخ ابوسند حيدر الفاضل
11-30-2010, 10:22 AM
متى ظهر لقب افندي في العراق؟

معنى كلمة افندي هو السيد والكلمة يونانية الاصل وهي من القاب الشرف والتعظيم
وقد اخذها الاتراك عن البيزنطينيين وورثها العراق وكذلك عدد من الاقطارالعربية
الاخرى فيما ورثه عن العهد العثماني من القاب وتعابير ومنها ايضا لقب الباشا ولقب
(بك) .


وكان لقب افندي في العهد العثماني يطلق على اربع فئات من الناس :


1- صغار الموظفين وغيرهم من افراد الطبقة المتوسطة والمتعلمة تعليما بسيطا او
متوسطا من سكان المدن فاذا ارتفعت وظيفتهم او مكانتهم كان يقال بـ(بك) وكانت
هذه الفئة اكبر الفئات التي تلقب افندي واكثرها عددا .


2- ابناءالسلطان وافراد العائلة المالكة من الذكور (وحيد الدين افندي .رشاد افندي ..
الخ..)
اما الاناث من العائلة المالكة فكن يلقبن بـ (افندينا) وقد انتقلت هذه التسمية الى مصر
حيث كان يشار الى الخديوي ثم الى الملك ب افندينا وقد بقيت هذه التسمية حتى
الملكية في سنة 1952 .

3- غير المسلمين مهما علت مراتبهم او سمت مراكزهم الرسمية والاجتماعية .
وكان من رعايا الدولة العثمانية اشخاصا غير مسلمين – وخاصة من الارمن –
وصلوا الى المناصب العليا كالوزارة وعضوية مجلس المبعوثان ولكنهم مع ذلك كانوا
يلقبون ب افندي وليس بك مثل ( نوراد ونيكيان افندي وغيرهم ) وزيرالخارجية
واوسقان افندي وزير المالية وكثيرين غيرهم ذلك الا اذا منحو لقب باشا وعندئذ
يلقبون به ومنهم (اغوب باشا وزير المالية في عهد السلطان عبد الحميد)


4- اصحاب بعض المناصب الدينية الرفيعة (كالشيخ الاسلام ) وكبار رجال الدين
وعلمائه .
وعند زوال الحكم العثماني عن العراق على اثر الاحتلال البريطاني وتاسيس الحكم
الاهلي بقيت هذه الفئات نفسها تلقب افندي باستثناء افراد العائلةالمالكة (الهاشمية)
الجديدة واقربائهم اذ كانوا يلقبون بلقب الشريف فلان


اما اذا كان الشخص يتحدر مباشرة من سلالة الملك حسين ملك الحجاز السابق فكان
يلقب بالامير اما الملك نفسه فكان يخاطب ويشار اليه بلفظه سيدنا .

وقد بقيت تسمية رجال الدين وعلمائه المرموقين بـ(الافندي) مثل ( محمود شكري
افندي الالوسي وامجد افندي الزهاوي .. وغيرهما )

كما استمرت تسمية غير المسلمين بهذا اللقب في الاستعمالين الرسمي وغيرالرسمي
الى حين صدور قانون منع استعمال الالقاب الاجنبية في عهد وزارة ياسين باشا
الهاشمي .


وانقل على سبيل المثال اسماء هيئة وزارة السيد عبد الرحمن النقيب الثانية التي
تالفت في 12 ايلول عام 1921 كما نشرتها صحف ذلك العهد


السيد عبدالرحمن الكيلاني
نقيب اشرف بغداد رئيساً للوزراء
الحاج رمزي بك وزيراًالداخلية
ساسون افندي وزيراً المالية
ناجي بك السويدي وزيراً للعدلية
جعفر باشا العسكري وزيراً للدفاع الوطني
الدكتور حنا افندي خياط وزيراً للصحة
عزت باشا وزيراً للاشغال والمواصلات
عبد اللطيف باشا المنديل وزيراًللتجارة
عبد الكريم افندي الجزائري وزيراً للمعارف
السيد محمد علي فاضل افندي وزيراً للاوقاف

وعلى الرغم من تلقيب رجال الدين وعلمائه وكذلك غير المسلمين بلقب افندي فان
اوسع الفئات التي تلقب بهذا اللقب بقيت طبقة الموظفين وسكان المدن واليها كان
ينصرف الذهن عادة حين يقال فلان افندي الا اذا كان هنالك مايدل على ان المقصود
شخص من الفئتين الاخريين وكان تلامذة المدارس في ذلك الحين يخاطبون معلمهم ب
افندي ولكن هذه الصيغة في المخاطبة اخذت تختفي مع اواخر الثلاثينيات وحلت محلها
كلمة سيدي بصورة تدريجية ومع ذلك بقي هذا اللقب يضاف الى اسم المعلم عند
التحدث عنه بصيغة الغائب فكنا نقول مثلا ان معلمنا هو جابر افندي وان مديرنا هو
محمود افندي وهكذا

وكان الافندي يرتدي ملابس الافرنجية اما لباس الراس فكان الطربوش في العهد
العثماني وبداية عهد الاحتلال ثم حلت محله بعدمجيء الملك فيصل الاول سدارة التي
صممها هو كشعار راس عراقي خاص .



بل ان من جملة دلائل لقب افندي كان تميز صاحبه عمن يرتدون الملابس الشعبية او
الريفية من كوفية وعقال او جراوية وزبون وعباءة .


فاذا سالت عن شخص هل هو معمم مثلا كان الجواب :كلا: بل هو افندي .

وكان الافندية في الجيل الماضي يمثلون طبقة خاصةمتميزة وقد تكونت لها شخصيتها
وعاداتها فالافندي عادة شخص متوسط الدخل يشغل وظيفة مدنية صغيرة او متوسطة
وهو شخص محترم في المجتمع فاذا جلس في المقهى اوالملهى التزم الجد والوقار لانه
يرغب في الظهور بمظهر لائق ومحترم امام المواطنين ولاينسى مركزه الرسمي
وكرامة وظيفته .


وقد انتشرت في تلك الفترة المبكرة من قيام الدولة العراقية او قبلها بقليل اغاني كثيرة
تشير الى الافندي من باب الغزل اوالوصف ولا تزال اغنية (( الافندي .. الافندي ..
الله يخلي صبري .. صندوق امين البصرة . بس الي وحدي )


من اشهر اغاني ذلك العصر وكذلك اغنية

(ياحلو يابو السدارة .. او اغنية دكم سترتك زين من الاغاني التي تشير الى زيه
الافرنجي ولباس راسه الجديد ..)

ومما يدل على تميز هذه الطبقة الجديدة التي ظهرت في المجتمع العراقي واخذت تتسع
بعد الاحتلال وفي عهد الانتداب ان جريدة التايمز اللندنية نشرت في عددها الصادر
بتاريخ 27 من تشرين الاول سنة 1933 مقالة لمراسل لها في بغدادب عنوان :
(الافندي مشكلة عراقية) وقد ذهبت الجريدة في مقالها الى ان ظهور هذه الطبقة
الجديدة واتساعها يهددان بمشكلة اجتماعية ووصفت الافندي العراقي بانه شخص
متعلم يسكن المدن الكبرى ويانف من العمل اليدوي حتى الاعمال الفنية والميكانيكية
ويتجه الى الوظائف الحكومية وعلى الرغم من انها كانت في ذلك الوقت محدودة العدد
قليلةالرواتب لانها كانت تضمن له الوجاهة او المكانة الاجتماعية التي يرتضيها هو
لنفسه .. وهو يقضي امسياته في المقهى يقرأ الجرايد ويتحدث في السياسة . وان
الكثيرين من ابناء هذه الطبقة يرتادون الملاهي والمسارح وبعضهم يغرق في ديون
لاقبل لهم فيسدادها .. ولما كان التعليم في اتساع والمدارس الحديثة بدات تخرج
اعدادا متزايدة من المتعلمين فان اتجاههم جميعا الى الوظائف الحكومية وانصرافهم
عن الاعمال الحرة والاعمال اليدوية سبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للبلاد .

وعلى الرغم من ان مقالة التايمز فيها الكثير من الاغلاط فان نشرها في جريدة مهمة
مثل التايمز اللندنية دليل على اهمية تلك الطبقة في ذلك الجيل .
وقلق السلطات البريطانية للمشاكل التي قد يؤدي اليها وضعها في ذلك الوقت .. ومع
ذلك فان لقب الافندي زال من الاستعمار الرسمي بعد صدور قانون منع الالقاب
الاجنبية كما انه اخذ يختفي تدريجيا من الاستعمال اليومي او الدارج بعد ذلك بسنوات
حتى لم يعد يسمع الى الا على لسان صديقة الملاية وهي تغني بصوتها المبحوح
(( الافندي .. الافندي .. عيوني الافندي ..)

عـــلاء الرحال
04-18-2011, 10:02 PM
شكراً أخي الفاضل على هذا الطرح الرائع معلومات جميلة وقيمة