المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معركة ذي قار



سالم الهزاع
01-17-2011, 09:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

معركة ذي قار

كان من أعظم أيام العرب ، وأبلغها في توهين أمر الأعاجم ، وهو يوم لبني شيبان ، وهوأول يوم انتصرت فيه العرب على العجم . وخبره كالتالي :

ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي ، وكان في مجلسه رجل عربي يقال له : زيد بن عدي ، وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله ، فقال له : أيها الملك العزيز إن خادمك النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة .

وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ، فلما دخلا على النعمان قالا له : إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب ، فأراد كرامتك ، وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات . فقال له ا لنعمان : أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى ، قل له : إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات ، وبلغه عذري . ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره ، وقال له : إن النعمان يقول لك : ستجد في بقر العراق من يكفينك .

فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه ، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه ، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة ، فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلاحه ، وذهب إلى كسرى ، فمنعه من الدخول إليه وأهانه ، وأرسل إليه من ألقى القبض عليه ، وبعث به إلى سجن كان له ، فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه .

وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي ، وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ما عنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده ، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات ، فخيره كسرى إما أن يعطي ما بيده ، أو أن يرحل عن دياره ، أو أن يحارب ، فاختار الحرب ، وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر والنمر بن قاسط وبني ذهل .

وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من أبطال الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاً قبيلة إياد ، ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.

فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ : نحن قدمنا إلى قتالك مرغمين ، فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم : بل قاتلوا مع جنود كسرى ، واصمدوا إلينا أولاً ، ثم انهزموا في الصحراء ، وإذ ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم .

وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا ماء فيها ولا شجر ، وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم ،فبدأ الفرس يموتون من العطش ، ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق ، وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها ، فأثخنت فيهم ومزقتهم ، وقتل كل أبطال فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً ، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت .

وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها ، فلما رآهم كسرى على ذلك الشكل قال لهم : أين هانئ ؟ وأين أبطالكم الذين لا يعرفون الفرار، فسكتوا فصاح بهم ، فقالوا : لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم ، فكاد كسرى يفقد عقله ، ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة ، فتولى مكانه ابنه شيرويه .

وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم وانقضوا على الجيش الفارسي ، فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من بني يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله ، وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء الجيش الفارسي ، فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان بن المنذر ، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم ، فانسحب من جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلان فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولاء لهم ، وعرف العرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم .

وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما بلغه انتصار قبائل بكر بقيادة هانئ بن مسعود الشيباني على عساكر الفرس قال : ( هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، وبي نصروا ) .

والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ، ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام .

فهد ال حبيب
01-18-2011, 02:56 PM
شكرا لك سلم الهزاع على هذا الطرح الرائع وقال الاعشى في هذه المناسبه قصيده المشهوره
كانت وصاة وحاجات لنا كفف = لو أن صحبك إذ ناديتهم وقفوا
على هريرة إذ قامت تودعنا = وقد أتى من إطار دونها شرف
أحبب بها خلة لو أنها وقفت = وقد تزيل الحبيب النية القذف
إن الأعز أبانا كان قال لنا: = أوصيكم بثلاث إنني تلف
الضيف أوصيكم بالضيف إن له = حقا علي فأعطيه وأعترف
والجار أوصيكم بالجار إن له = يوما من الدهر يثنيه فينصرف
وقاتلوا القوم إن القتل مكرمة = إذا تلوى بكف المعصم العوف
بل لست وجـ...... = .......................
إن الرباب وحيا من بني أسد = منهم بقير ومنهم سارب سلف
قد صادفوا عصبة منا وسيدنا = كل يؤمل قنيانا ويطرف
قلنا الصلاح فقالوا لا نصالحكم = أهل النبوك وعير فوقها الخصف
لسنا بعير وبيت الله مائرة = إلا عليها دروع القوم والزغف
لما التقينا كشفنا عن جماجمنا = ليعلموا أننا بكر فينصرفوا
قالوا البقية والهندي يحصدهم = ولا بقية إلا النار فانكشفوا
هل سر حنقط أن القوم صالحهم = أبو شريح ولم يوجد له خلف
قد آب جارتها الحسناء قيمها = ركضا وآب إليها الثكل والتلف
وجند كسرى غداة الحنو صبحهم = منا كتائب تزجي لموت فانصرفوا
جحاجح وبنو ملك غطارفة = من الأعاجم في آذانها النطف
إذا أمالوا إلى النشاب أيديهم = ملنا ببيض فظل الهام يختطف
وخيل بكر فما تنفك تطحنهم = حتى تولوا وكاد اليوم ينتصف
لو أن كل معد كان شاركنا = في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
لما أتونا كأن الليل يقدمهم = مطبق الأرض يغشاها بهم سدف
وظعننا خلفنا كحلا مدامعها = أكبادها وجف مما ترى تجف
حواسر عن خدود عاينت عبرا = ولاحها وعلاها غبرة كسف
من كل مرجانة في البحر أخرجها = غواصها ووقاها طينها الصدف