المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصر الى اين؟؟



المحامي سيف ال سدخان
01-29-2011, 12:15 PM
يتابع العالم العربي ما يجري في مصر باهتمام كبير تحوَّل في الآونة الأخيرة إلى قلق حقيقي لسببين، الأول: يعود إلى إدراك متزايد بأن أوضاع العالم العربي ككل تزداد ترديا يوما بعد يوم، وبأن وقف هذا التردي مرهون بحدوث تغيير جوهري في توجهات السياسة المصرية الراهنة، والثاني: يعود إلى إدراك متزايد بأن احتمالات التغيير السلمي المنشود في مصر تتضاءل يوما بعد يوم وعلى نحو ينذر بوقوع كارثة كبرى يخشى أن تطال الجميع. عمّق من هذا القلق في وعي النخب العربية مشهدان بثتهما الفضائيات منذ أسابيع، وعلى نحو متزامن تقريبا، الأول: مشهد تزاحم المواطنين إلى حد الاقتتال للحصول على رغيف الخبز في طوابير طويلة تبدو بلا نهاية. والثاني: مشهد طوابير طويلة تقف أمام لجان الترشيح للانتخابات المحلية تبيَّن فيما بعد أنها تتكون من موظفين تم حشدهم للحيلولة دون تمكين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين من تقديم أوراق ترشحهم. وبينما جسد المشهد الأول تفاقم واستحكام الأزمة الاقتصادية، وخاصة أزمة المعيشة التي تعاني منها الأغلبية الساحقة في مصر، فقد جسد المشهد الثاني تفاقم واستحكام الأزمة السياسية بسبب انسداد أفق احتمالات التحول الديمقراطي في البلاد.

ولأن أحدا لا يملك في الوقت الراهن إجابة واضحة ودقيقة على سؤال: "مصر إلى أين؟"، فمن الطبيعي أن تتعدد الاجتهادات حسب زوايا الرؤية. وفي جميع الأحوال فإن الإجابة على هذا السؤال تتطلب أولا فهم الأسباب التي أدت إلى وصول الأوضاع في مصر إلى ما هي عليه الآن. وفي تقديري أن ما نراه الآن هو نتاج عوامل أهمها تباين أنماط القيادة السياسية التي تعاقبت على حكم مصر منذ عام 1952، وثانيها: طريقة إدارة عملية الانتقال من نظام الحزب الواحد إلى نظام يمكن وصفه بالتعددية الحزبية المقيدة.

أولا: أزمة القيادة السياسية

"
كان لكل من عبد الناصر والسادات رؤية سياسية واضحة افتقدها مبارك، فقد استندت رؤيتاهما إلى قواعد أيديولوجية محددة إحداهما يسارية والأخرى يمينية، أما مبارك فيدير الدولة بمنطق التسيير اليومي والبيروقراطي ويركز على كل ما من شأنه أن يشكل تحديا لسلطته

"
تعاقب على حكم مصر منذ منتصف القرن الماضي، إذا استثنينا محمد نجيب، ثلاثة زعماء ينتمي كل منهم إلى نمط مختلف تماما من أنماط القيادة، وهي: النمط الثوري ومثّله جمال عبد الناصر، والنمط المغامر ومثَّله أنور السادات، والنمط البيروقراطي ومثله حسني مبارك. ورغم التباين الهائل في السمات الشخصية والتوجهات العقائدية لهذه الأنماط الثلاثة وما ترتب على ذلك من تباين هائل في سياساتهم الداخلية والخارجية، فإن النظام السياسي الذي استحدثته ثورة 1952 بقي كما هو دون أي تغيير يذكر، سواء من حيث الشكل أو آليات العمل، وهو ما قد يفسر وجود سمات مشتركة بين هذه القيادات يمكن إجمالها في ثلاثة أبعاد:

البعد الأول: انتفاء الرغبة في التخلي طواعية عن السلطة. فالرئيس عبد الناصر ترك السلطة بالموت الطبيعي، والرئيس السادات تركها بالاغتيال، أما الرئيس مبارك فما زال يمارسها وسبق له أن أفصح صراحة عن نيته الاستمرار في السلطة طالما بقي في جسده عرق ينبض!.

البعد الثاني: تركة ثقيلة تورثها قيادة سابقة لقيادة لاحقة لم يشارك الشعب في اختيارها. فالرئيس عبد الناصر رحل وسيناء لا تزال محتلة وجرح هزيمة 67 لا يزال مفتوحا لم يندمل بعد، والرئيس السادات رحل في ظل حالة من الاحتقان الداخلي والقطيعة مع العالم العربي لم تشهد مصر لهما مثيلا من قبل. ورغم صعوبة التكهن بما ستكون عليه أحوال مصر بعد انتقال السلطة إلى خليفة الرئيس مبارك، فإن المؤشرات المتاحة لا تبشر بأي خير.

البعد الثالث: آمال كبيرة في التغيير تنطلق مع بداية ولاية كل رئيس جديد، ثم تضعف تدريجيا إلى أن تتلاشى تماما مع تحول الرئيس إلى ما يشبه حاكماً مطلقاً لتبدأ حالة من السخط العام عادة ما تصل ذروتها في نهاية كل حقبة. فخلال فترة زمنية لم تتجاوز خمس أو ست سنوات كان عبد الناصر قد أنجز إصلاحا زراعيا واسع النطاق وأنهى الاحتلال البريطاني وأمم قناة السويس وشرع في بناء السد العالي وأقام وحدة اندماجية مع سوريا، ثم ما لبثت النكسات أن توالت بعد ذلك تباعا، بدءا بانفصال سوريا، ومرورا باندلاع حرب عربية/عربية على أرض اليمن، وانتهاء بهزيمة 67. ثم جاء السادات فحقق إنجازا عسكريا مهما بعد ثلاث سنوات فقط من توليه السلطة وشرع في عملية انفتاح سياسي واقتصادي بدت واعدة، لكنه رحل مخلفا وراءه تركة ثقيلة بدأت بتنامي ظاهرة العنف والتطرف الديني وانتهت بمغامرة القدس وانتكاسة عملية الإصلاح السياسي. واستطاع الرئيس مبارك في بداية عهده تخفيف حدة الاحتقان السياسي واحتواء ظاهرة العنف والتطرف الديني وأعاد الجامعة العربية إلى مقرها بالقاهرة، قبل أن تبدأ حالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي والاقتصادي والاجتماعي تهدد بانفجار شامل.

غير أن هذا التشابه الظاهري في أداء النظام السياسي المصري يجب ألا يخفي عمق الاختلافات في الرؤى والسياسات المتبعة في كل مرحلة. فقد كان لكل من عبد الناصر والسادات، بحكم تكوينهما الشخصي وتاريخهما النضالي، رؤية سياسية واضحة افتقدها الرئيس مبارك تماما. صحيح أن رؤية السادات تناقضت كليا تقريبا مع رؤية عبد الناصر، لكن كلتا الرؤيتين استندتا إلى قواعد سياسية واجتماعية وبالتالي أيديولوجية محددة حيث عبرت إحداهما إجمالا عن اليسار والأخرى عن اليمين المصري بشكل واضح. أما الرئيس مبارك فقد اختلف عن سلفيه -إضافة إلى افتقاده لأي رؤية سياسية- في أمرين آخرين على جانب كبير من الأهمية، أولهما: إدارة الدولة بمنطق التسيير الذاتي اليومي والبيروقراطي وتركيز اهتمامه فقط على كل ما من شأنه أن يشكل تحديا لسلطته أو لإرادته كحاكم، تاركا كل الأمور الأخرى لتحل بالقضاء والقدر، وثانيهما: رفض تعيين نائب له، مع السماح في الوقت نفسه لنجله جمال بلعب دور سياسي راح يتنامى بسرعة إلى أن استقر في الضمير العام، خطأ أم صوابا، وجود عملية مخططة لتوريث السلطة. وكان لهذا الأسلوب في إدارة الدولة أثره الخطير في حالة الاحتقان التي تشهدها مصر الآن.

ادارة الموقع
01-29-2011, 01:33 PM
مشكور ابو مخلد على هذا الشرح المفصل والمفيد ..........
موضوع ساخن حيث قرات الموضوع وفي نفس الوقت أتطلع على جهاز التلفاز لاتباع الاحداث الساخنه التي يتحمل مسؤليتها حكومة بعيدة عن الشعب وغير فاهمه مطالب الشعب وباصرار يحاول مبارك ان يستمر بالمطاوله هذه الاجيال في الشارع اليوم تطالب بالتغيير الجذري فمتى سوف يفهم مبارك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الشيخ ابوسند حيدر الفاضل
01-29-2011, 05:02 PM
الشكر لابومخلد للتطرق لهذا الموضوع المهم وما يجري من احداث على الساحة العربية من انهيارات في الحكومات العربيه فقبل ايام انهيار الحكومة التونسيه وهرب الرئيس في ساعات معدودة، واليوم في مصر المظاهرات في الشوارع والله يعلم من هو ينتظر الدور في الغد القريب. فالسؤال هو من يتحمل مسؤليه هذه الاخطاء الشعب ام هو اهمال وتمادي الحكومات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

المحامي سيف ال سدخان
01-29-2011, 06:10 PM
ممنونين لمروركم الكريم ابناء العم الافاضل......

رحم الله الشاعر ابو القاسم الشابي..

اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر

سالم الهزاع
01-30-2011, 04:43 PM
كل مايجري اليوم من احداث ساخنه ان كانت في تونس او مصر هو نتيجة لتزوير الانتخابات التي تعود عليها حكامنا الكرام لكونها الطريق الأسهل لتسلق سلم الحكم والحفاظ على العرش


مشكور ابن عمي ابو مخلد

المحامي غسان ال سدخان
03-02-2011, 06:15 PM
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر


فالشعب المصري نجح في ثورته وصمد امام الطغاة...

والان نتمنى ان تخطو الثورة الليبيه خطى ثورة مصر وتنتهي المجازر هناك...

تحيتي لك ابن العم ابو مخلد للشرح المفصل