المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الابل عند بدو العراق - منتدى قبيلة البوسلطان



ادارة الموقع
03-02-2011, 11:12 AM
الابل عند بدو العراق

اذا كانت الخيل وسائط نجاة مهمة لحياة البدوي فلا شك ان الأبل قوام هذه الحياة ووسيلة بقائها وطريقة سد حاجياتها.. فمنها لبنه، ومنها وبره ومنها لحمه، وجلدها نافع له... وهي واسطة نقله من مكان الى آخر، وحمل اثقاله فهي في نظره (سفن البر)... ولولاها لكانت حياته منغصة، وعيشته مرة، وآماله ضيقة... وهذه فيها غناؤه وثراؤه بل من اعظم ثروة له، ومن أهم تجارته، وأكبر واسطة لنماء أمواله...
لا تعيش للبدوي أنعام وهو في حالة غزو، وتنقل سريع من مكان الى مكان الا اذا كانت كهذه الابل تتحمل المشاق، وتتكبد الصعوبات والاراضي الوعرة، والفيافي البعيدة عن العمران... فهي بحق تعدّ أعظم نعمة ناسبت اوضاعه فكأنها خلقت لأجله، وقدرت له في أصل الخلقة...
وفي الآية الكريمة : " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت " دليل الامتنان بهذه النعمة، ولولا الابل لما تمكن البدوي ان يبلغ المكان الذي يريده الا بشق الانفس وصعوبتها، وهكذا المشاهد والمنتفع به أكبر دليل وأعظم نعمة...
والعرب في آثارهم الكثيرة من كتب الأدب واللغة تعرضوا للكلام عليها، واوسعوا المباحث ومن اقدم من كتب، وخص الأبل بمباحث خاصة الأصمعي فقد نشرت له في الأيام الأخيرة رسالتان في الأبل وردتا في (الكنز اللغوي) للدكتور أوغست هفنر استاذ اللغات السامية في كلية فينا. طبعت هذه المجموعة في بيروت سنة 1903 والرسالتان احداهما جاءت في صحيفة 66 والأخرى في صحيفة 137.
وعلى كل حال يهمنا ان ننظر الى ثروة البدوي، ونقدر قيمتها ومكانتها ونعين طريق معيشته من وراء هذه الثروات لنتخذ له التدابير الملائمة للانتاج، والطرق الصالحة للتكثير، ومخارج للبيع والصرف في المواطن الأخرى للاستفادة من نواح عديدة منها.، فنكون قد ساعدناه وجعلنا حالته في رفاه وربحنا منه في تجارتنا، وضرائبنا، وسهلنا له مهماته...
والابل في العراق كثيرة، وكانت لها فائدتها قبل شيوع السيارات؛ فهي من أرخص وسائط النقل، وإن كانت بطيئة... اهمال هذه الثروة دون عناية في امرها غير صحيح، ومن اهم ما يعرض للبدوي قلة المراعي لها، ومن الوسائل الفعالة افساح المجال له للسرح في مواطن لا يستفيد منها سواه، وفي هذا تخيف لويلاته ومصائبه مما قد يؤدي الى ضياع كافة ابله...
والابل انواع كثيرة، وبينها ما هو معروف قديماً، ويعد من نجائب الابل لما فيه من المزايا المختارة من سرعة، وتحمل مشاق، أو ما ماثل...

أنواع الابل:

وأشهر المعروف منها مما ينتفع به للحليب والحمل: ويسمى (البعير) ويقال له (الرحول):

1 - الخواوير. وواحدها خوار، وهي اباعر عنزة وشمر وغالب البدو بصورة عامة، وهذه ابل بادية الشام، تصبر على العطش، وتستخدم للغزو، تعيش خارج المياه في البادية الجرداء. وهذه لا تعيش في العراق في الأرياف من جهة القارص (الزريجي) والمعروف منها (بنات وضيحان)، و (بنات عبجلي)، و (النجبانيات)، و (الشراريات).

2 - الجوادة. واحدها الجودي وهذه في الغالب عند المنتفق وغزية والصمدة من الضفير وسائر القبائل الريفية كالزكاريط (الزقاريط) وغيرها. ولا تصبر هذه على الضمأ، ولا تتحمل المشاق التي تصيب البدو... وابل شمر طوقه كلها (جواده).
وهناك قسم آخر يستفاد منه للركوب غالباً ويقال له (الذلول) ومن أنواعه: التيهية. وهذه صغيرة، ولها رسن، تفيد للسرعة وللمغازي، وتقطع مسافات بعيدة. وهي عند الشرارات من الصلبة، والحويطات منهم. وهذه تطرح النعام، والغزال، وهي للركوب خاصة، ويقال ان اضلاعها سبعة في كل جانب.
الحُرّه. تعيش في البادية، وتصبر على الماء، وهي عند شمر وعنزة، وعند الشرارات. وبها يتمكون من اللحاق بالخيول...
العمانية. من نوع الجودي، وهي جميلة ووافية، وغالب ما تكون عند المنتفق ويحتفظون بها، وقليلة في سائر الأنحاء، ومواطنها على ساحل الخليج .
الباطنية. وهذه قليلة في العراق.
قال صلبي يخاطب عشيقته: (للسيلان منهم)
يا نديبي شد لي كور مهذالي ... من ضراب التيه وامه شرارية
لشنطته بالرسل صابه حفالي ... مثل دانوك حدته الشماليه
نحره يم الغضى طيب الغالي ... عين خشف مرتعه له بوسميه
الوانها: الوضحة. بيضاء الصفرة. دبسة، غامقة.
شعلة. أقل انكشافاً، والجواده القسم الأعظم منها هذا لونه.
الملحة. سوداء.
الزركه. عشمه.
الشكحة. بين البيضاء والشعلة.
وهذه كلها في الخواوير.
حمرة. على احمرار وفيها غمق.
والبيض منها كلها تدعى (المغاتير)، وما كان فيه سواد، أو ملح يقال لها (السحمية)، أو (السحمة).
ومن أوصافها: (الصجرية)، و (ابكع ظهر)...


شواذيب وعذاريب :

من العيوب في الأبل ما يسمى الشاذب، أو الشاذوب والضبطه فيقال ليس فيه (ضبطه وشاذب)، والعذوربه أو العذاريب وقد يطلق الواحد على الآخر كلفظ مترادف ويقال (سالم العذاريب). وهذه أشهر ما هو معروف: الطير. سكتة دماغية الخراش. نوع جنون الضلع.
الجرب.
الجدري. وهذا يكون في صغره الورك. مرض في الابط.
وأصل الشاذب عظم زائد في صفحة زور البعير. وهناك عيوب لا عن مرض وانما هي عيوب في الخلقة، أو نقص في الأعضاء: الجدعه. مقطوعة الاذن.
العصلة. مقطوعة الذنب الحرده. تضرب بيدها على الأرض؛ وهو نوع فالج.
الخطلة. مرتخية أعصاب الرجل عكس الحرده.
جنفه. فيها لحمة كبيرة تحت أبطها النجبه. مخلوعة الزند (مفسوخته).


أسنان الأبل :

المخلول. عمره سنة1 المفرود. عمره سنة2 اللجي. عمره سنة3 الجذع. عمره سنة 4 وهذه يبتدئ فيها اللقاح وهو الضراب.
الثني. عمره سنة5 الرباع. عمره سنة6 الخماس. عمره سنة7 الجالس. عمره سنة8 ومدة الحمل 12 شهراً ومن النوادر أن يكون 13 أو 14 شهراً.


الوسم والشاهد :

وللأبل عند كل قبيلة، أو فرع من فروعها علامة يسمونها بها لتعرف وهذه تختلف اشكالها بالنظر لما تتخذه القبائل ولا نجد تقارباً في الوسم الا قليلاً، وكذا يقال للشاهد وهو نوع الوسم الا انه لا يعول عليه في التفريق، وإنما هو أشبه بالاشارة الخاصة...
والوسم يكون على اليمين أو على اليسار، أو على الرقبة... والشاهد يكون على يمين الوسم، أو يساره، وقد يكون الوسم على اليد اليمنى، أو اليسرى... والشاهد على الرقبة، أو يكون قريب الخشم ويصير محاذياً للعين، أو نازلاً الى الفك وعلى كل لا يعول على الشاهد.
وسم شمر طوقة كاشارة على يمين الناقة، والصلتة منهم يجعلون الشاهد قدامه، والغرير منهم في يساره، والزقاريط عندهم الوسم اشبه بحرف t اللاتينية ويكون في اليسرى وشاهدهم في الوجه على الجانب الأيسر في منحدر الرسن والنصر الله (فرقة منهم) على الفك... ولا يكاد يحصى الوسم لكل قبيلة وشاهده، ولقبائل عنزة لكل منها وسم خاص، كما لقبائل شمر كذلك...


شركة الابل :

وشركة الابل للانتفاع منها تكون بأمور عديدة ولكن هذه لا تظهر إلا في القضايا الجزئية والمطالب الصغيرة مما يجرى بين الطبقة الضعيفة، أو بين ضعيف وغني... ومن هذه: شركة عظم. وذلك أن يشتري الموسر الابل، ويشغلهن عند آخر حتى تفك اثمانهن من النماء والربح، وحينئذ يشترك معه مناصفة... ولكن هذه الشركة يصح ان تفك عند الطلب، ولا تكون مقيدة بشرط، ومع هذا اذا وجد شرط لزم مراعاته... وفي هذه الحالة اذا طلبها صاحبها قبل ان تفك فحينئذ تباع وما زاد عن قيمتها يقسم بينهما... فالتعب الذي بذله العامل لا يهمل بوجه، ولا يضيع...
شركة العدالة وتكون في الغالب في الغنم، وتقل في الابل وذلك بأن تعطى الشياه او الابل الى آخر ويشارك في النماء، ولا يكون شريكا في العظم الأصلي بل في الصوف والدهن...
ان تودع الابل على ان تكون الاجرة مثالثة، ثلث للجاني وهو الذي قام باعارتها... ويتسلمها المكاري كاملة الحدايج والثاية... واذا كانت كثيرة فيصح ان يشترط على صاحب الابل اكثر، وان يستخدم معه آخر فيكون نصيبه النصف...
ويطول بنا تعداد كل ما هو معروف، وانما الغرض الفات الأنظار الى هذه النواحي، وعند الاختلاف يرجعون الى العارفة، والضعيف يلجأ وان كانت القضايا تافهة.


بيوعات :

في الابل قد يكون البيع صفقة واحدة وتنقطع العلاقة وقد لا يكون كذلك وتبقى العلاقة لمدة بأن يشتري المخلول والغركان، والمخلول منهما تراه، ويكون مولوداً، ويؤخذ وقت طلوع سهيل، أو أن يسلم صيفاً... وإن المشتري في هذه الحالة يسمى (شراي حبل) والمفرود ويقال له الغرقان، كأن يشترى في بطن أمه ثم يأخذه المشتري بعد أن يفطم من أمه وذلك بأن يحول عليه الحول أو أزيد واذا مات المبيع في هذه الحالة فهو مضمون.. ويسمى (المجفوت).
هذا ما يعين البيوعات عندهم، وان الضمان يترتب لأنه لم يسلم الى المشتري في الوقت المضروب، وغالب هذه يجريها الضعفاء والفقراء فيما بينهم، وهي التي توضح بقايا بيوعهم.. والغرض من هذه البيوعات الشراء سلفاً، وان يكون تحت ادارة البائع لمدة...



الرعى :

اذا أراد أن يسرح في الابل يعطى مخلولا ومبلغاً معيناً يقدر بدينار أو أكثر، أو مفرده وحده، أو مبلغ وحده وذلك حسب قلة الابل وكثرتها...



الدخيل :

تعطى الابل الى آخر فيذهب بها الى نجد أو الى مكان آخر، وذلك الراعي أو آخذ الابل ضامن ويجعل الابل مرخوصاً من قبله يقال له (الدخيل) والوصي وهذا هو الذي وكله... فاذا رفض وكالته فحينئذ يصرح بذلك ويشهد ثم يخلط الأموال (الابل) بما عنده، ولا يضمن المقدرات أي لا يتوجه عليه ضمان الدرك، فاذا مات بعير يثبت الشهود على موته وحينئذ لا يبقى حق. اما لو طالب المالك ببعيره فامتنع من اعطائه الى الوصي ضمن أي انقلبت يده الى يد ضمان.



وداعة البدو للبدو :

وهذه امانة لا تفرق عن سائر الامانات الا انه يتصرف بها وينميها، أو يبقيها امانة على حالتها دون تصرف... والبدوي في أحوال عديدة يريد أن يسير الى أهله، وليس في امكانه الا ان يكون مجرداً، وتكون هذه محترمة ومحتفظ بها للأمرين المذكورين، وللأمين الحق في اختيار احداهما، ولا يفترق المودع بين ان يكون بدوياً أو غير بدوي، ولكن يصرح غير البدوي بغرضه فيقول هذه (وداعة البدو للبدو) أي أنها الوديعة المصطلح عليها عندهم. وللامين الحق في حفظ عينها، او التصرف بها. فاذا كانت الوديعة شاة مثلاً تكاثرت عنده، أو حواراً، أو بعيراً كان الأمر كذلك، واذا باعها اشترى بثمنها ما ينمو، كأن كانت بعيراً فحلا كرى عليه ما عنده ونمّى الحاصل، أو باع البعير واشترى به ناقة، فاستولدها...
والحاصل لا يسوغ له بوجه ان يخون هذه الأمانة، وإنما يستثمرها لصالح المودع، واذا كانت مبالغ اشترى بها ما فيه فائدة الى آخر ما هنالك، وقد يعين المالك الذي ائتمنه ان يتقاضى أجراً عوض العناية، وهذا غير ما يعطى للراعي أجرة رعيه وسرحه...


عن كتاب (عشائر العراق) ــ (عباس العزاوي)

عـــلاء الرحال
04-04-2011, 03:51 PM
موضوع مميز شكراً لك
لطالما كتب الشعراء عن الإبل وأجادوا وصفها من خلال أشعارهم واخص منهم الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد البكري :


طَرَفَة بن العَبد
86 - 60 ق. هـ / 539 - 564 م
طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد، أبو عمرو، البكري الوائلي.
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، كان هجاءاً غير فاحش القول، تفيض الحكمة على لسانه في أكثر شعره، ولد في بادية البحرين وتنقل في بقاع نجد.
اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعُمان يأمره فيه بقتله، لأبيات بلغ الملك أن طرفة هجاه بها، فقتله المكعبر شاباً.

ولـــه من التشبيه في أبيات المعلقة ولعل الشرح الوافي هو في كتاب شرح المعلقات السبعة للأمام الاديب القاضي المحقق
أبي عبدالله الحسين بن أحمد الزازوني
وأذكر بعضاً من معلقته وشرحها , ففي البيت الثالث :



كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ

كأن مراكب العشيقة المالكية غدوة فراقها بنواحى وادي ددٍ سفن عظام , أي شبها بالسفن العظام


عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ يَجورُ بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي


شبه سواق الابل تارة على الطريق , وتارة على غير الطريق بأجراء الملاح السفينة مرة على سَمْت الطريق , ومرة عادلاً عن ذلك السمنت .



يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ


هنا شبة شق السفن الماء بشق المفايل التراب المجموع بيده .



وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ




خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي



وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي



سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ



وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ



وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي



أَمونٍ كَأَلواحِ الأَرانِ نَصَأتُها عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ



جَماليَّةٍ وَجناءَ تَردي كَأَنَّها سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ



تُباري عِتاقاً ناجِياتٍ وَأَتبَعَت وَظيفاً وَظيفاً فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ



تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَولِ تَرتَعي حَدائِقَ مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغيَدِ



تَريعُ إِلى صَوتِ المُهيبِ وَتَتَّقي بِذي خُصَلٍ رَوعاتِ أَكلَفَ مُلبِدِ

المحامي سيف ال سدخان
04-04-2011, 06:13 PM
شكرا لاصالة الموضوع ...