المحامي سيف ال سدخان
04-10-2011, 04:56 PM
يعيش عالمنا العربي في الأشهر الأخيرة من المحيط على الخليج ربيعه السياسي. فخرج الشباب العربي الذي طالما وصف بالجهل والعجز و الاتكالية و اللامبالاة بالشأن السياسي من حالة الانشغال برغباته الذاتية إلى فرض إرادته السياسية حاملا شعارا واحدا : الشعب يريد .... وردد بصوت واحد البيت الخالد لشهيد الشباب زين الشعراء :أبي القاسم الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة ++++++فلا بد أن يستجيب القدر
و لإيمان شباب أمتنا من المحيط إلى الخليج بهذا البيت الذي تعلمناه في مدارسنا ، خرج إلى ساحات التغيير في كل المدن العربية مناديا بصوت واحد نريد الحياة ، وهاهي المرحلة الأولى تؤتي ثمارها ، فيرحل رؤساء، وتسقط حكومات ، وتعلن أخرى عن إصلاحات سريعة ، وتلغى قوانين طوارئ، و يصمد شباب مقاومة في مدن أخرى بعدما انهار جدار الخوف الرهيب . كل هذا جميل . لكن هل فكر شبابنا في المرحلة الثانية من ثورته ، ماذا يريد من ثورته؟ وكيف السبيل إلى تحقيق ما يريد ؟ وما هي الخطوات الإجرائية العملية التي يجب أن يخطوها ليحقق ما يريد ؟ وما هي العوائق الداخلية (الاقتصادية والاجتماعية و السياسية ) والعوائق الخارجية : (الاتفاقيات الدولية و مصالح الدول الخارجية ) التي تقف عائقا أمام ما يريد؟ وكيف السبيل إلى تجاوزها ؟
إن أول انتقاد يمكن أن يوجه لثورة شبابنا ، وبشكل خاص في الأقطار التي تنادي بإسقاط النظام، هو غياب نخب سياسية شبابية مؤهلة وقادرة على أن تحل محل الأنظمة الراحلة ، فإلى حدود اليوم لم نر في من تقدم لتدبير المرحلة الانتقالية شابا من شباب الثورة . وكان نتيجة ذلك أن تولى الوجه الثاني من الأنظمة تدبير المرحلة الانتقالية ، والأخطر أن تتقدم الوجوه المنافسة على كرسي الحكم قديما لتولي رئاسة الدولة بعد المرحلة الانتقالية . فهل الحكومات الانتقالية لديها من المبادئ والمؤهلات والطموح و الجرأة لأن تحقق للشباب ،ومن خلالهم للشعوب ما يطمحون إليه من تغيير جذري يستحق اسم ثورة . إن هذه الحكومات حرصت على استمرارية النظام القائم ، وذلك من خلال احترامها للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعتها الأنظمة السابقة ، وهي في معظمها ليست في صالح الشعوب.
خلاصة القول في اعتقادي ، وأتمنى أن أكون مخطئا ، إن ثوراتنا العربية ستكتفي بإسقاط الأشخاص وتبقي على الأنظمة . وقد تزيد على ذلك تحقيق هامش مقبول من حرية التعبير والتداول على السلطة، وأتمنى صادقا أن ينعكس ذلك على الملف الاجتماعي و الاقتصادي .
النقطة الثانية الذي أود إثارتها في هذا المقال تتعلق بالفهم الخاطئ لحرية التعبير وحقوق الإنسان ، فحرية التعبير و حقوق الإنسان يجب أن يتمتع بهما الفرد المواطن في حدود القانون وحدود ما تسمح به الدولة كسلطة قانونية قاهرة تحافظ على خلق التوازن بين الحق والواجب ، وفرض احترام قاسم الولاء الذي يربط بين أفراد الأمة الواحدة ، والمصالح العليا للوطن. فالمطالبة بالحقوق دون القيام بالواجب، والمس بالمصالح العليا للوطن ،والتخابر مع العدو، و التحريض على الانفصال و الطائفية ، والعنصرية ، والتحريض على العنف مما يؤدي إلى المس بأمن المواطنين ليس من حرية التعبير في شيء. كما أن محاربة التخلي عن الواجب ، والغش في العمل وفي الدراسة و الامتحانات والتظاهر من أجل حقوق غير مشروعة وغير مستحقة ليس مسا بحقوق الإنسان ، وعندما يعتقل مواطن متآمر على الوطن ووحدته أو يدعو إلى المجاهرة بالإفطار في رمضان ، أو بممارسة الشذوذ علانية في الشارع ، نتهم الدولة بالتضييق على حقوق الإنسان .
إن الديمقراطية و حرية التعبير وحقوق الإنسان والدولة العصرية ليس شيئا يعطى أو ينتزع ، ولكنه تربية وبناء يتحقق في الأسرة و المدرسة والحزب والنقابة ، قبل أن يتحقق على مستوى الدولة . وللأسف الشديد إن الأسرة العربية و المدرسة العربية و الأحزاب العربية و النقابات العربية مؤسسات أبعد ما تكون عن هذا النوع من التربية فالأب و الأم سلطتان مطلقتان ، والأبناء لا يميزون بين الحق والواجب، و بين الحرية و المسؤولية ويصرون على أن يحصلوا على ما يشاؤون دون بذل جهد يوازي ما يرغبون فيه ، ومدرستنا ذات تعليم بنكي أكثر منه تعليم حواري يقبل بالرأي والرأي الآخر . و رؤساء أحزابنا و نقاباتنا لا ينتزعهم من كراسيهم إلا الموت ، ليتولى أبناءهم أو من هم في حكم الأبناء بعدهم . ومطالبنا لا نميز فيها بينما هو مشروع وما هو غير مشروع ما دامت الفرصة مواتية لانتزاعها من الدولة .
وإذا لم نفكر في التربية والتعليم ، والتربية على المواطنة ، و احترام حق الآخر ، فإن المرحلة الانتقالية ستطول، وربما لن نخرج منها ، وقد تكون هناك انتكاسة لنعود إلى مرحلة المستبد الذي يرى نفسه عادلا .
و الله أعلم
إذا الشعب يوما أراد الحياة ++++++فلا بد أن يستجيب القدر
و لإيمان شباب أمتنا من المحيط إلى الخليج بهذا البيت الذي تعلمناه في مدارسنا ، خرج إلى ساحات التغيير في كل المدن العربية مناديا بصوت واحد نريد الحياة ، وهاهي المرحلة الأولى تؤتي ثمارها ، فيرحل رؤساء، وتسقط حكومات ، وتعلن أخرى عن إصلاحات سريعة ، وتلغى قوانين طوارئ، و يصمد شباب مقاومة في مدن أخرى بعدما انهار جدار الخوف الرهيب . كل هذا جميل . لكن هل فكر شبابنا في المرحلة الثانية من ثورته ، ماذا يريد من ثورته؟ وكيف السبيل إلى تحقيق ما يريد ؟ وما هي الخطوات الإجرائية العملية التي يجب أن يخطوها ليحقق ما يريد ؟ وما هي العوائق الداخلية (الاقتصادية والاجتماعية و السياسية ) والعوائق الخارجية : (الاتفاقيات الدولية و مصالح الدول الخارجية ) التي تقف عائقا أمام ما يريد؟ وكيف السبيل إلى تجاوزها ؟
إن أول انتقاد يمكن أن يوجه لثورة شبابنا ، وبشكل خاص في الأقطار التي تنادي بإسقاط النظام، هو غياب نخب سياسية شبابية مؤهلة وقادرة على أن تحل محل الأنظمة الراحلة ، فإلى حدود اليوم لم نر في من تقدم لتدبير المرحلة الانتقالية شابا من شباب الثورة . وكان نتيجة ذلك أن تولى الوجه الثاني من الأنظمة تدبير المرحلة الانتقالية ، والأخطر أن تتقدم الوجوه المنافسة على كرسي الحكم قديما لتولي رئاسة الدولة بعد المرحلة الانتقالية . فهل الحكومات الانتقالية لديها من المبادئ والمؤهلات والطموح و الجرأة لأن تحقق للشباب ،ومن خلالهم للشعوب ما يطمحون إليه من تغيير جذري يستحق اسم ثورة . إن هذه الحكومات حرصت على استمرارية النظام القائم ، وذلك من خلال احترامها للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعتها الأنظمة السابقة ، وهي في معظمها ليست في صالح الشعوب.
خلاصة القول في اعتقادي ، وأتمنى أن أكون مخطئا ، إن ثوراتنا العربية ستكتفي بإسقاط الأشخاص وتبقي على الأنظمة . وقد تزيد على ذلك تحقيق هامش مقبول من حرية التعبير والتداول على السلطة، وأتمنى صادقا أن ينعكس ذلك على الملف الاجتماعي و الاقتصادي .
النقطة الثانية الذي أود إثارتها في هذا المقال تتعلق بالفهم الخاطئ لحرية التعبير وحقوق الإنسان ، فحرية التعبير و حقوق الإنسان يجب أن يتمتع بهما الفرد المواطن في حدود القانون وحدود ما تسمح به الدولة كسلطة قانونية قاهرة تحافظ على خلق التوازن بين الحق والواجب ، وفرض احترام قاسم الولاء الذي يربط بين أفراد الأمة الواحدة ، والمصالح العليا للوطن. فالمطالبة بالحقوق دون القيام بالواجب، والمس بالمصالح العليا للوطن ،والتخابر مع العدو، و التحريض على الانفصال و الطائفية ، والعنصرية ، والتحريض على العنف مما يؤدي إلى المس بأمن المواطنين ليس من حرية التعبير في شيء. كما أن محاربة التخلي عن الواجب ، والغش في العمل وفي الدراسة و الامتحانات والتظاهر من أجل حقوق غير مشروعة وغير مستحقة ليس مسا بحقوق الإنسان ، وعندما يعتقل مواطن متآمر على الوطن ووحدته أو يدعو إلى المجاهرة بالإفطار في رمضان ، أو بممارسة الشذوذ علانية في الشارع ، نتهم الدولة بالتضييق على حقوق الإنسان .
إن الديمقراطية و حرية التعبير وحقوق الإنسان والدولة العصرية ليس شيئا يعطى أو ينتزع ، ولكنه تربية وبناء يتحقق في الأسرة و المدرسة والحزب والنقابة ، قبل أن يتحقق على مستوى الدولة . وللأسف الشديد إن الأسرة العربية و المدرسة العربية و الأحزاب العربية و النقابات العربية مؤسسات أبعد ما تكون عن هذا النوع من التربية فالأب و الأم سلطتان مطلقتان ، والأبناء لا يميزون بين الحق والواجب، و بين الحرية و المسؤولية ويصرون على أن يحصلوا على ما يشاؤون دون بذل جهد يوازي ما يرغبون فيه ، ومدرستنا ذات تعليم بنكي أكثر منه تعليم حواري يقبل بالرأي والرأي الآخر . و رؤساء أحزابنا و نقاباتنا لا ينتزعهم من كراسيهم إلا الموت ، ليتولى أبناءهم أو من هم في حكم الأبناء بعدهم . ومطالبنا لا نميز فيها بينما هو مشروع وما هو غير مشروع ما دامت الفرصة مواتية لانتزاعها من الدولة .
وإذا لم نفكر في التربية والتعليم ، والتربية على المواطنة ، و احترام حق الآخر ، فإن المرحلة الانتقالية ستطول، وربما لن نخرج منها ، وقد تكون هناك انتكاسة لنعود إلى مرحلة المستبد الذي يرى نفسه عادلا .
و الله أعلم