هذه سلسلة من رجالات القبائل

السلام عليكم ..


هذه سلسلة من رجالات القبائل العربية التي صنعت مجدا ،وأسست للمروءة ،وتابعت مسيرة الأسلاف في الخير، وحافظت على القيم العربية الأصيلة ، جمعتها منذ فترة لتكون إنتاجي التاريخي القادم إن شاء الله بعنوان ( رجال لا ينساهم التاريخ ) لذا فإني أنوه من كان عنده تصحيحا أو تعديلا أو إضافة أو ملاحظة فلا يبخل علي بها ..






القبائل العربية أنجبت لنا رجالا تفخر بهم الأجيال والقرون ..


فكان أصل الخلق العربي النبيل في الكرم والشجاعة والمروءة وغيرها من أخلاق عربية أصيلة ..



سنختار رجلا في كل مرة من هؤلاء الرجال ونذكر بعضا من قصصه الرائعة لنستفيد منها ونتعلم ونتخلق بأخلاق هؤلاء العظماء دون النظر الى قبيلته أو موطنه فكلنا عرب وأبناء أمة واحدة ..





أولئك أجدادي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع







إنه أسطورة الكرم الحاتمي الأصيل ..


إنه الشيخ محمد بن منشد آل حبيِّب الفضلي رحمه الله ..


هو أحد الشيوخ الأربعة من شيوخ القبائل الذين أعلنت نبأ وفاتهم إذاعة bbc


ورث مشيخة قبيلة الفضول عن أبيه الشيخ منشد آل حبيب ..


يجدر الحديث عن هذه القبيلة العربية العريقة ولو بنبذة مختصرة ..

فقد كانت تقطن نجدا وكانت لها سطوة كبيرة وكان أمراؤها من آل الجاسر وآل العروج يسيطرون على أجزاء كبيرة هناك وقد خضعت لهم بعض القبائل ، ذكرهم الأمير بداح العنقري سنة 900 هـ بقوله في احدى قصائده وأصبح هذا القول مثلا متداولا عند البدو في نجد ، وهو قوله :

يوم الفضول بحلتك (ج) شارعينه

أراد الشيخ الفارس وديد بن عروج شيخ الفضول وقبائل بني لام حائل لضمها لسيطرته لكنه هزم في حائل وتم قتله ..

فكان من ضمن مرثية زوجته له وهي إحدى أروع القصائد :

لا وحبيبي طاح يوم الملاقاه... بنحور غلبا فوق قب الأصايل
لا وحبيبي طير شلوى تعشاه ...قطاعة المهجة سناعيس حايل


ويقال أنه بعد هذه الهزيمة انفصل بعض قبيلة الفضول عن نجد وتوجهوا إلى العراق واستقروا هناك حيث بقيت زعامتهم هناك في آل حبيب .

بينما تزوجت أرملة وديد بن عروج أخيه نزالا لكنه لم يكن بمثل فروسية أخيه ، فقالت هذه الشيخة الشجاعة الشاعرة تحثه على الغزو والفروسية قصيدة طويلة من ضمنها :


عندي مثيله واحدن كنه إياه ... عليه من توصيف خلي مثايل
الزول زوله والحلايا حلاياه... والفعل ماهو فعل وافي الخصايل




وبالفعل غزا نزال بن عروج تسعين ليلة حتى وصل إلى سوريا وانتصر انتصارا عظيما وجاء بالغنائم الكثيرة فقالت زوجته قصيدة رائعة تفخر بزوجها منها:

عدوا على العارض ركيب ن يهيفي ... يتلون ابن عروج مقدم بني لام

وللعلم فإن قبائل بني لام وزبيد وشمر كلهم أخوة يرجعون لقبيلة طي العربية العريقة ..

أعود إلى الشيخ محمد المنشد الحبيب الذي ورثة المشيخة عن أبيه وجده ، وكان نزاعا للخير يحب الكرم يدفع من ماله الخاص ليحل مشاكل الآخرين ..

يسير الكرم في دمه فطرة ، حتى أصبح الناس يهزبون يه وبكرمه في شمال الجزيرة وفي نجد وفي كل مكان فكثيرا ما سمعنا البعض يقول : عسى ما انت ابن حبيب !!!


يهزب بكرمه كبار شيوخ القبائل حتى غدا بحق أسطورة حاتمية في الكرم ..


يجدر بالذكر أنه كان يكرم من كيسه الخاص بينما كان بعض شيوخ القبائل يكرم مما يأخذه من قبيلته !


حكايات هذا الرجل الأسطورة كثيرة لكن نذكر بعضا منها مما سمعناه عنه في مجالس مختلفة وتأكدنا منه ..

بأنه كان كل يوم يذبح من الأغنام الكثير غداء وعشاء ، فمضيف الشيخ لم يكن يخلو من مرتاديه أبدا ، فكان يقدم لهم الغداء والعشاء ..

وكان يؤخر إنزال الوليمة حتى يمر القطار بالقرب من مضيفه لينزل الناس منه ويأتوا للمضيف ليأكلوا ويرتاحوا .. وهذا قمة الخلق العربي الشهم !!

ألا يحق لنا الفخر بهكذا رجال حتى لو لم نكن ننتسب لقبائلهم أو أوطانهم لكنهم بالتأكيد ينتسبون لأمة عربية عريقة ..


سمعت ذات مرة أن هناك 30 رجلا من البدو ( من احدى القبائل ) مروا بمطعم في البصرة وسمعوا صاحب المطعم يقول : تفضل تفضل
يدعو الزبائن للدخول !

لكن البدو ظنوه يدعوهم كعادة البدو في الكرم حينما يقول لك تفضل ..


فدخلوا وطلبوا ما شاءوا من طعام حتى شبعوا وقاموا ..

كان الشيخ محمد ذكيا وحكيما ويراقب الموقف من على طاولته التي يتناول فيها طعامه ..
فلما أراد البدو الخروج وهم يقولون : كثر الله خيرك يا المعزب !


قال صاحب المطعم العراقي : يا معزب يا با يا خيركم .. تعالوا ادفعوا الفلوس !!

فقالوا له : أنت قلت تفضلوا .. أجل الكرم صار بفلوس!


فقال لهم صاحب المطعم : تدفعون والا الشرطة !


فنهض الشيخ محمد قائلا لصاحب المطعم : دعهم يذهبون .. هؤلاء بدو يظنون عادات المدينة كالبادية .. حسابهم جميعا عندي ..

فقال صاحب المطعم : حسابهم كثير يا شيخ ( كان مبلغا ضخما )
فقال الشيخ : مو كثير مو كثير .. المعروف ما يكثر عليه شي.

بالتأكيد ليس كثيرا على رجل يذبح يوميا من كيسه الخاص العديد من الأغنام للضيوف وعابري السبيل ..


فرجع أحدهم وسأله من أنت يا رجل ؟

فلم يجبه الشيخ محمد .. لكن صاحب المطعم بادر قائلا : هذا الشيخ محمد بن حبيب شيخ آل غزي ..

ومما يروى عن حلمه رحمه الله وسعة صدره وكرمه القصة المشهورة في موت ابنه عزيز !

حيث كان عنده عامل تراكتر يعمل في مزرعة الشيخ محمد خلف منزله ، وترك الشيخ محمد ابنه عزيزا كمرافق له يخدمه حيث كان عزيز في السادسة عشر .. وكان عزيز ينام بالقرب من العامل بعد وجبة العشاء دون أن يعلم العامل به ليكون قريبا من خدمته فكان يذهب للنوم قريبا منه ..
وعندما اخذ النعاس مأخذه منه نام في نفس المكانالذي هو فيه ، عند ذلك عاد العامل على ظهر التراكتر بعد أن أنهى حراثته الليلية.

عاد الى مكانه وبين التعب والنعاس استمر في سيره باتجاه المكان وفجأة سمع صوت عزيز ينطلق من تحت العجلات، نزل وسحبه وإذا به جثة هامدة لا حراك فيه،
فصرخ العامل المسكين !!

مات عزيز وصاح الناس وجاء الحميع فازعا ليقتل قاتل ابن الشيخ لكن الشيخ محمد أشهر سلاحه مهددا بأن من يقترب من العامل سيلحق بعزيز قبل العامل .. ووفر الحماية الى العامل الى أن جاءت الشرطة وأخذته الى المركز للتحقيق، وفي الصباح ذهب إليه واستفسر عن التحقيق.
فلما علم بانتهاء التحقيق ، أخرجه من السجن ووضعه في سيارته وسار الى محطة القطار واركبه القطار بعد أن زوده بالمال، وبعد عشرة أيام جاء رتل من السيارات يحمل أهله من منطقته في الغرب، استقبلهم محمد المنشد وعشيرته، وبعد استراحة قصيرة قالوا: أننا جئنا وكلنا أمل أن تقبلوا منا دية المرحوم عزيز.

قال لهم على الرحب والسعة أهلاً بكم الدية مقبولة بدون تحديد أو عد وكل شيء تقدمونه أنا راضي فيه.

عند ذلك قام كبيرهم وقدم له المبلغ، وبعد أن استلمه الشيخ محمد قال: يا آل غزي هذا دية عزيز استلمتها وآنا بدوري أسلمها الى فلان ( عامل التراكتر ) وسط ذهول الجميع لهذه السجايا والأخلاق النادرة في زمن قلت به هذه الشمائل ..


لكنك بالتأكيد في حضرة الشيخ محمد المنشد الحبيب وقبيلة الفضول العربية العريقة فلا تستغرب هذا الخلق العربي الأصيل ..

سئل الشيخ حميدي عجيل الياور رحمه الله شيخ مشايخ قبيلة شمر عن أكرم والأكثر فروسية من الناس ؟

فأجاب رحمه الله : أني مما سمعت فإن أكرم الكرماء هم تركي بن مهيد العنزي وبدر بن الرميض شيخ قبائل الصالحي ومحمد بن حبيب الفضلي وعبدالكريم الجربا أبو خوذو !

وليس لنا هنا حاجة في جواب الشق الثاني من السؤال ..



مما قيل في مرثياته :

نشف ضرع المحارم جفت الطيــبة * * * و ديوان المعارف فقد ترتيبه
الكرم مثل السحايب دوم هطالات * * * اذا نيشن عالمنكر لازم ايصيبه

يملك نفس سمحة وللكلافة هديب * * * يتصاغر تواضع والتواضع طيبه

يعجبك لو تكلم منطقه ابترتيب * * * الف وسفه على شخصه وحسن ترتيبه

نقلت الأبيات بلهجة قائلها دون تغيير !!

رحمة الله على الشيخ محمد المنشد علم من اعلام العراق الخفاقه في ربوع الوطن
طوبا و طوبا للشيخ محمد آل منشد الحبيب

ان بطون القبائل العربية لملاى بهؤلاء الرجال الكرام امثالا الشيخ ابن منشد الحبيب ...وان تاريخ قبائلنا ليحتفظ بذاكرته بهؤلاء الرجال الميامين الغيارى ..

مشكور اخي العزيز علي على ما نورتنا به ...الف تحية لك

والنعم من الشيخ محمد المنشد


رحمه الله


طرح غاية في الروعه
دومك مبدع بانتظار جديدك
ارجوا قبول مروري تحياتي