صوت السلام - السيدة فيروز

قد لا يتفق اللبنانيين بعدة شؤون كالشأن الديني والمذهبي والميول
السياسي ويأخذ الاختلاف بينهم صفة دائمة تنبع من حرص وتصب في
حوض حب لبنان ومقدراته إلا أن الإجماع المطلق بين كافة اللبنانيين يتم
حول أمر واحد، وهو الظاهرة (الفيروزية) والتي يوافقهم عليها العالم أجمع
حتى تلك الكائنات والمخلوقات الغير منتمية للبشر والتي اندهشت من
رقص صوت السيدة فيروز فوق مسرح مسامعها، فهذا الصوت يأتي
كشلال منهمر من هضاب السماء بحالة استثنائية إلى الأرض..
السيدة فيروز وإن كانت فنانة كما يصفها البعض وهي كذلك كما
تصفها مهنتها إلا أنها تتخطى ذلك التصنيف وتصبح "استثناء" ليست
ملك لبنان وحده وليست ملك العرب وحدهم ولا حتى مهنة الفن
تملكها دون العالمين.. بل هي ثروة بشرية وكونية يجب أن تٌحاط بكل
معاني الاهتمام والعناية ولتصبح مُلك لكل جميل وأخاذ وداعي للمحبة،
لتمهد هذه التوصيات إلى دلالات في غاية الأهمية حول مصطلح
"الاستثناء" عند الحديث عن السيدة فيروز،، وأحد هذه الدلالات
تتشكل بأنه وبالرغم من بساطة المفردة في الأغنية الفيروزية والتي
يحاذيها بساطة اللحن والتنسيق الموسيقي في زمن كان عظماء الفن
العربي كأم كلثوم وأسمهان وفريد الأطرش وعبد الحليم ووديع الصافي
يتمتعون برصيد وافر من الكلمات المدهشة والقصائد الفاتنة والألحان
التي تتخذ من مزامير آل داود منهجا ومع ذلك استطاعت السيدة فيروز
أن تحظى بنصيب كبير من إعجاب الجماهير بل ولينقلها الزمن بصورة
ذهنية ثابتة وحاضرة مع كل جيل بشكل قوي.. وتنفرد ثاني
دلالات "الاستثناء" بأن تفردها يرتبط بتفرد المقصود بها وبقيمه
ومراميه، فالحبال الصوتية لدى السيدة فيروز في عقدتها تلتحم خيوط
السلام والمحبة والخير والبهجة لترمي مع كل أغنية لها نهاية هذه الحبال
إلى أناس قد تم نسيانهم في جب الحزن والكآبة واليأس في زمن قد
ابتلعت الحروب وويلاتها والشرور ومطامعها العالم ومن ساروا في
مضمار أقداره..
واليوم هناك من يحاول تقسيم السيدة فيروز إلى شطرين، الأول فن
والثاني ثروة ليظفر بها من يريد أن ينال نصيبه منها والتي هي جزء
مرتبط بشكل تكاملي مع الفن، ولا أقصد الجانب المادي بكلمة الثروة
بل الجانب القيمي والإنساني، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تقسيمها
وتفكيكها إلى كيانات مستقلة، فهذا الأمر سيؤدي إلى نتيجة حتمية
وهي خسارة السيدة فيروز الحاضنة لكل هذه الكيانات... لذا علينا
أن نقف بوجه اتفاقية (السايسبيكو) الجديدة حتى تظل السيدة فيروز
ثالث أركان الحياة مع الماء والهواء والتي من دونهم تتعطل ديمومة
الحياة وتصاب معانيها السامية بالشلل وتكون الرتابة والتهجم سمة
غالبة بكل المناحي اللبنانية والعالمية والإنسانية...

بالفعل ان السيدة فيروز ظاهرة نادرة تستحق الوقوف عندها كونها الحقيقة الكبيرة في عالم مليء بالمزيف..

مشكور ابو هزاع موضوع جميل واختيار عذب

سلمت أناملك أخي سالم


استوقفني ما طرحته
واستمتعت بما جاد به قلمك
دائما تبهرنا نحن في انتظار المزيد

لك وافر احترامي وتقديري