قصر الملك فيصل الاول في ناحية الدغاره

قصر الملك فيصل الاول في ناحية الدغارة يعاني الاهمال ومهدد بالانهيار

بات اليوم قصر الملك فيصل الاول الذي اتخذ منه مكان للاستجمام ولقاء شيوخ عشائر منطقة الفرات الاوسط في فترة تتويجه في العشرينيات من القرن المنصرم مهدد بالانهيار الابدي ، ناهيك عن تجاوز عائلة عائدة من خارج الوطن عليه والسكن فيه رغم انه في الوقت الحالي ايل السقوط .

يقوالمؤرخ:" قاسم علي" بان هذا المكان التاريخي طالما عقدت به الاجتماعات والمباحثات مع سياسيين وشيوخ لكنه اصبح اطلالا لا يبالي به احد وعند دخولك المكان يشدك اليه عبق التاريخ حيث كان يزهو بحدائق الغناء التي تسر الناظر والتي كانت موزعة باشكال هندسية رائعة وتعرف بالحدائق الملكية ويقع القصر بين الجهة المقابلة لنهر الفرات وليتخذ مكانا شماليا غربيا من جغرافية المنطقة.و لم يبق من هذا القصر الا البناء المتصدع والذكريات التي عاشها ابناء المنطقة حول اسرة حكمت بالايثار والحب ومد جسور التعاون مع ابناء المنطقة.
ويضيف :"بان وجود الاسرة الهاشمية في العراق يرجع الى ما بعد الثورة العربية الكبرى التي قادها (الشريف الحسين بن )علي امير مكة ضد الدولة العثمانية 1916 بهدف تحقيق حلم اقامة دولة عربية تضم الجزيرة العربية وبلاد الشام وبعد سيطرة الانكليز على العراق تم تتويج الملك فيصل الاول في 23-8-1921 بعد مفاوضات طويلة واستفتاء اجري باشراف الحكومة البريطانية وسعى فيصل الاول عند دخوله العراق للعمل على ضم كافة العشائر العراقية في منطقة الجنوب وجنوب الوسط تحت لوائه ليامن تمردهم وعصيانهم وتوفير ما يحتاجون اليه في شؤونهم اليومية فبادر سنة 1923 الى بناء ناظم
حيوي على نهر الفرات وليعرف بعد ذلك باسم (سد الدغارة) والذي انتهى العمل به سنة 1925 ونظرا لجمالية المنطقة وخصوبتها عمد الى بناء دار للاستراحة الملكية في المنطقة ليكون قريبا جدا من الشيوخ الذين قادوا ثورة العشرين بالرغم من مرور سنوات طويلة ظل هذا القصر شاهدا حيا على عمق العلاقة بين الملك وشيوخ العشائر في المنطقة.

(تكون هذه المنطقة تحديدا قلب العشائر العراقية)

*لماذا اختار الملك فيصل هذا المكان دون غيره في البلاد.؟

وتابع قاسم:"تكاد تكون هذه المنطقة تحديدا قلب العشائر العراقية في منطقة الفرات الاوسط وهي نقطة الفصل بين الحدود الادارية لمحافظة بابل والديوانية واشهر العشائر الموجودة في المنطقة التي تمتاز بثقلها ومكانتها في المنطقة مثل عشيرة البوسلطان والجبور والخزاعل والسعيد والاكرع وكذلك وجود محطة قطار الشريفية القديمة ووجود ثكنة عسكرية وتقريبا كانت منطقة مفترقا للزوارق النهرية العابرة الى بغداد وبالعكس هذه الاسباب جعلت وجود القصر في مكانه الاستراتيجي، واهم ما يميز تلك الاستراحات والقصور الموجودة في الاقضية والقصبات العراقية والتي كانت تتخذها الاسرة الحاكمة كدارللاستراحة والترويح عن النفس هو صغر حجم تلك القصور ليتلائم هذا البناء مع متطلبات الوضع السياسي للمنطقة وتكون مشيدة بالطابوق والجص وتكحيل بالاسمنت لان البناء البغدادي انذاك كان يتميز بهذا النمط من الفن المعماري ولا يمكن تحديد التاريخ المضبوط لتشييد هذا القصر المشابه للبناء العراقي في تلك الفترة واستمر العمل لهذا النوع من المعمار حتى الستينات من القرن الماضي ومساحة بنائه 350م2 شيدت على ارض فضية بمساحة اجمالية مقدراها 8 دونم ويعتبر هذا القصر من مشيدات الملك فيصل الاول في المنطقة ، وكانت حينها معظم البيوت البغدادية تمتاز بسقوفها العالية والتي تصل لارتفاع 6 متر للحفاظ على درجات الحراراة والقصر لا يختلف في بنائه عن ذلك واتخذ من الجهة الشرقية منفذا له ويضم ايضا مخازن واسطبلات ومخزنا للحرس من مدخلها الشمالي والباحة الخلفية لمثل هذه القصور تضم غرف الحاشية والطباخين والبدالة وتكون الشبابيك محيطة بالقصر من كافة الجهات وما يميز غرفة منام الملك هو وجود ثقب في اعلى الجدار والذي يسمح بخروج حبل الى الخارج يتيح للمروحة المعلقة بسقف الغرفة بالحركة من خلال حركة احد الخدم بسحب الحبل وارجاعه ترى قاعة الاستقبال في البداية والتي تحتوي على موقد في احد اركانه وكان شيوخ العشائر غالبا ما يلتفون حول الملك امام هذا الموقد،اما الحديقة الخارجية فكانت مقسمة على شكل مقاطع هندسية وبجانب نهر الفرات توجد غرفة للناعور الذي يسقي الارض علما ان هذه الحديقة كانت جميلة جدا والتي تعتبر من نوادر الحدائق الباقية للقصور الملكية حتى سنة 1972 وبسبب الاهمال وعدم العناية تلفت الحديقة وليجهز الزمان على كل القصر وترى الجدران متصدعة والغرف خاوية بسبب عدم وجود دعم او اهتمام دائرة التراث لتلك الصروح العراقية.
وبطبيعة جغرافية المنطقة وخصوبتها ومجاورتها لنهر الفرات كانت الحديقة مميزة بكل شيء من حيث التقسيم وانواع الورود والرياحين اضافة الى البستان وكان فيها نخل يسمى الملوكي ولم يبق من هذه الحديقة شيء سوى نخلتين وغرفة الناعور على كتف النهر وبعد سقوط الحكم بقيت هذه الحديقة متنزها عاما تزوره المدارس لحد 1972 لكن بسبب عدم الاهتمام والرعاية اختفت كل تلك المعالم ولم يبق سوى الجدران الخاوية وقدرة الله في ذل الملوك والحكام وهذا القصر دليل شاهد على زوال اسرة هاشمية علوية حكمت العراق.

نسب بين الوصي عبد الاله ونايف الجريان وعلاقة العائلة المالكة بالعشائر كانت لها دور في اختيار هذه المنطقة.؟

التقينا الشيخ حاتم هادي (68) عاما وسالناه عن ذكرياته عن المنطقة فقال: الحقيقة اني لم ار الملك لكنني كنت اسمع عن قدوم الملك او احد افراد الاسرة الملكية اثناء زيارته للمنطقة من خلال الاخبار التي اسمعها من الحرس او الحاشية او الجنائني وكان في وقتها ينتابني خوف وحذر من سطوة الشيوخ وظلم الاقطاع الذي كان سائدا انذاك، وكان هناك نسب بين الوصي عبد الاله ونايف الجريان وغالبا ما كان يرتاد على هذا المكان الوصي وعند قدومه تجتمع شيوخ العشائر ولا يسمح لاحد بالاقتراب من القصر وكانوا ينطلقون للصيد وبصحبته وجهاء المنطقة، وان سبب كثرة زيارة الوصي
عبدالاله الى هذا المكان لان زوجته من ال جريان.

من الواضح ان السلطات المتعاقبة في حكم العراق قد امتازت بالنرجسية واهمال الشعب .. ولكن ونحن نترك المكان املنا ان نجد من يحيي التراث العراقي وان يستغل تلك المناطق لجلب السياح كون احياء تلك الاماكن من شانه ان يؤرخ للاجيال القادمة حقبة مهمة من تاريخ العراق المعاصر.