وفـــاء الســـموأل
لمــا أراد امرؤ القيس المضي إلى قـيصـر ملك الــروم , أودع عند الســموأل دروعـاً
و سلاحاً و أمتعة , تساوي جمـلـة كثيـرة ؛ فلـــما مـات امرؤ القيس أرســل ملك كندة
يطلـب الدروع و الأسلحـة المودعـــة عند السـمـوأل , فـقال الســموأل : لا أدفعـها إلا
إلى مستحقها , و أبـى أن يدفــع إليـه منهـا شــيئاً فـعـاوده , فـأبى ؛ و قــال : لا أغـدر
بـذمتي , و لا أخـون أمانتي ولا أتـرك الوفــاء الواجب علي ..فقصـــده ذلك الملك من
كندة بعسكره , فدخل السموأل في حصنه, و امتنع به , فـ حاصره ذلك الملك . و كان
ولد السموأل خارج الحصن , فـظفر به الملك , و أخذه أسيراً , ثمّ طاف حول الحصن
و صاح بالسموأل فـأشرف عليه من أعلى الحصن , فلما رآه قال له : إن ولــدك قد
أسرته وهو ذا معي , فإن سـلمت إليّ الدروع و السـلاح رحلت عنك , و ســلمت إليك
ولدك و إن امتنعت من ذلك ذبحت ولدك و أنت تنظر ! فـاختر ما شئت .قال له السموأل:
ما كنت لأبطل وفائي ؛ فاصنع ما شئت ! فذبح ولده , وهو ينظر . ثم لما عجز عن الحصن
رجع خائباً . و احتسب السموأل ذبح ولده , و صبر محافظة على وفائه فلما جاء الموسم
و حضر ورثة امرئ القيس , سلّم إليهم الدروع و السلاح ورأى حفظ ذمامه , و رعاية
وفائه أحبَّ إليه من حياة ولده و بقائه !
و قال في ذلك :
وفيت بـأدرع الكــندي ّ إنــي ..... إذا مـا خــان أقـــوامٌ وفـيتُ .
وضرب به الأعشى المثل فى الوفاء فقال
كن كالسموأل إذا طاف الهمام به ..... فى حجـفل كســواد الليـل جــرار
بالأبلق الفــرد من تيمــاء منزلــه ..... حصــن حصين وجـار غير غدار
إذا ســـامه خطتى خســف فقال له ..... قل مــا تشــاء فإنى سـامع حار
فقــال : ثكــل وغــدر أنت بينـهــما ..... فاختر ومـا فيهــما حظ لمختــار
فشـــك غيــر طويــل ثــم قــال لــه ..... أقتل أســـيرك إنى مانــع جارى
........