أثارت مسألة حذف الاصفار من الدينار العراقي والتي يروج لها البنك المركزي في الاونه الأخيرة الكثير من الحديث بين المختصين حول جدواها الاقتصادية ومدى تأثيرها على الاقتصاد العراقي، وقد أفاد مستشارون في البك المركزي إن حذف الاصفار سيساعد على التخفيف من حدت التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي حيث سيساعد هذا الأجراء على التقليل من الكتلة النقدية في البلد والتي تعتبر حسب رأيهم من أسباب التضخم مبررين أن التوقيت مناسب لذلك لاستقرار الاقتصاد العراقي حيث تشهد أسعار صرف الدينار استقرارا إمام العملات الأجنبية.
غير خافي على المختصين في السياسات النقدية والاقتصاديين مدى خطورة هذا الإجراء على الاقتصاد العراقي في هذا التوقيت، حيث إن النتائج التي يتوقع تحقيقها وهي الحد من التضخم لا تحتاج إلى حذف أصفار بل تحتاج إلى عمل تنموي في ميدان الاقتصاد الحقيقي وليس الوهمي فالسياسات النقدية هي انعكاس لواقع الاقتصاد الحقيقي والذي يتمثل بالإنتاج للسلع والخدمات وعندما نريد التخفيض من حدت التضخم يجب أن ننظر إلى القطاعات الإنتاجية في البلد ونساعدها على الخلاص من المعوقات التي تواجهها ونرتقي بواقع الصناعة المحلية عبر تقديم الدعم لها إضافة إلى القيام بتقنين حجم السلع والبضائع المستوردة عبر الضرائب والتعريفات الكمركية وغيرها من التشريعات والقوانين التي تضمن الازدهار للصناعة المحلية بكافة قطاعاتها. أذن نحن نحتاج للتخفيض من حدت التضخم إلى تنمية مستدامة مدروسة ومنظمة لكافة مرافق الاقتصاد الحقيقي تقوم السياسة النقدية والسياسة المالية بدورها في ذلك عبر التنسيق بين مختلف السياسات والخطط التنموية.
الكثير من المخاوف تحيط عملية حذف الاصفار، فإذا نظرنا إلى الدول التي قامت بذلك ومن أحدث الدول هي تركيا نجد أنها تتمتع باقتصاد قوي ومستقر وان هذه العملية تمت على مراحل وأهمها هي فهم المجتمع لهذه العملية بكل تفاصيلها واستيعابها للعملة الجديدة، أما إذا قمنا بذلك فهناك الكثير من المخاطر والمخاوف التي يجب أن نضعها بنظر الاعتبار ومنها احتمال حدوث إرباك اقتصادي يؤدي إلى فقدان الثقة بالدينار العراقي واحتمال تغير أسعار الصرف إضافة إلى كلفة العملة الجديدة وخصوصا أن العراق لا يمتلك مطابع خاصة وإنما يطبع عملته في بريطانيا ناهيك عن الصعوبات التي تتعلق بموازنة الدولة وخطط الاستثمار والديون والأسهم والسندات وغيرها من المخاطر الأخرى التي قد تسببها هذه الخطوة.
أن حذف الاصفار من العملة ليس بعلاج وإنما يأتي كضرورة عندما يكون الاقتصاد بحالة نمو مستمرة واستقرار كامل وليس الاستقرار الذي يتحدثون عنة وهو استقرار سعر الصرف وهو استقرار وهمي لكونه لا يستند إلى قوة اقتصادية ، عند ذلك تكون عملية حذف أصفار من العملة ضرورية لأنها تساعد على التنسيق بين السياسات وتعطي الخطط وضوحا أكثر مع أرقام مفهومة للجميع وتسهم في التقليل من الكتلة النقدية والاهم أن هذه العملية يجب أن تتم على مراحل مختلفة وفق خطة مدروسة وان تتم عملية تثقيف للعملة الجديدة بكل الطرق والأساليب لكي تستوعب من قبل المواطن والمستثمر .
عند إلقاء نظرة فاحصة لواقع الاقتصاد العراقي نجد أن الاعتماد على النفط بالدرجة الأساس لتمويل موازنة الدولة إضافة إلى قروض وإيرادات بسيطة وان الإنتاج الصناعي والزراعي وبقية القطاعات لا تكاد تذكر يتضح لنا من ذلك أن هكذا إجراء لا يحقق أي نمو للاقتصاد الوطني وإنما قد يسهم بردود فعل تؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي العام، أما التخفيض من حدت التضخم وهو المبرر الرئيسي لهذا كله لن يتحقق بمجرد حذف الاصفار كما ان هذه العملية لن تحقق أي زيادة في القيمة الشرائية للدينار العراقي .
العنوان : الدينار العراقي
رد مع اقتباس
