إعادة تأهيل شيوخ التصنيع العسكري ...!


( بقلم : عباس الياسري )

تسمية شيوخ التسعينات أو شيوخ التصنيع العسكري , تسمية أطلقها العراقيون تهكما واستهزاءا على من أهلتهم الدوائر الأمنية والمخابراتية في عقد التسعينات , لتقوم بتعينهم بعد ذلك بدرجة شيخ عشيرة , ولان المجتمع العراقي مجتمع عشائري ويعرف جيدا الأعراف والتقاليد , وخاصة ما يتعلق بالشيوخ وكيفية تنصيبهم , والشروط التي تضعها القبائل والعشائر والأفخاذ لتنصيب احد أخوانهم ليكون زعيم قبيلة أو شيخ عشيرة أو رئيس فخذ , وهذه الطريقة جعلتهم يتندرون وهو أن تعين الحكومة شيخ , وهذا حصل بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة وانخراط العشائر فيها , وتشجيع الشيوخ لأبناء عشائرهم بالمشاركة , وقيادتهم للمنتفضين في مناطق عديدة من العراق , هذا أصاب النظام بالذهول , وهو الذي ترده يوميا عشرات التقارير من الرفاق تطمئنه على ولاء العشائر وشيوخها إلى الحزب وللقائد الضرورة ..! ,

هذا الذي حدث في الانتفاضة نبه النظام ودوائره الأمنية إلى خطورة موقف العشائر وشيوخها , وان ما ينقل من ولاء ما هو ألا وهم , وان العشائر وشيوخها ترفض النظام مثل باقي شرائح المجتمع العراقي , والانتفاضة هي الدليل , فشنت الأجهزة القمعية حملت اعتقالات وإعدامات طالت العديد من الشيوخ ووجهاء العشائر , واضطر قسم منهم لمغادرة العراق , فأراد النظام معاقبة الشيوخ الثوار وتفصيل شيوخ على مقاسه , لديهم الاستعداد لفعل أي شيء , فهم ( مهوسجيه عند الطلب ) وخطباء يبايعون القائد بالدم , وعند الضرورة يتبرعون بأبناء عشائرهم فداء للحزب والثورة ..! كل هذا مقابل مليون دينار ومسدس طارق ..! , وزيادة في التنكيل بالعشائر وشيوخها المجاهدين , تم اختيار أراذل القوم وممن لديهم سجلات قذرة في كل المجالات , وأصحاب السرادق ألمعروفه والتي كانت تنصب في عيد ميلاد القائد وميلاد الحزب ويوم الزحف , ومن يجلب اكبر عدد من ( الكاوليه ) يكون صاحب حضوه لدى مسئولي الحزب والقيادة , ( طبعا يجلبون المساكين بالقوة وبدون مقابل ) , فتم تكريم أصحاب السرادق وتنصيبهم شيوخ عشائر , وتم تأهيلهم للعب هذا الدور , وأنيط بهم دور أخر لا يقل خطورة وهو أفساد وتلويث كل العادات والتقاليد الجيدة التي تعتبر وحسب المصطلح العشائري (سنن ) فافسدوا كل السنن الحميدة , وبرزت ( سنن ) وتقاليد غير معروفه للمواطن العراقي , وابسط مثل على ذلك هو, أننا نعرف ما هو دور رئيس العشيرة في فض النزاعات العشائرية وإخماد الفتن , وكيف أن مشاكل كبيرة قتل فيها العديد من البشر تحل بسهولة لمجرد حضور احد الشيوخ الكبار والمعروف حسبه ونسبه , وكيف كان الشيخ يترك كل أعمالة , بل ويصرف من ماله الخاص لحل مشاكل الآخرين ,

أما شيوخ التسعينات فلا يخرج إلا بخمسه وعشرين ألف دينار يستلمها مقدما , ويميل لا مع الحق بل مع الذي يدفع أكثر في الجلسات العشائرية والتي تسمى ( الفصل ) , لذلك تندر العراقيون عليهم وأطلقوا عليهم هذه التسميات , فكل شيء كان يربط بإبداعات التصنيع العسكري حينها , فلا باس من ربط تصنيع الشيوخ بهم , وبعد سقوط النظام تلاشى هؤلاء وهرب اغلبهم خوفا من عقاب الجماهير لهم جراء أفعالهم وتقاريرهم التي اعدم بسببها المئات من أبناء العراق , ولكن اليوم وفي عصر غسيل الأموال الخليجية تم استثمار هؤلاء بصفقة غسيل , وتم إعادة تأهيلهم من جديد ليلعبوا نفس الأدوار القذرة التي كانوا يلعبونها , فشكلوا تجمعات وسخرت لهم الفضائيات والأموال ,ووفر لهم لقاءات على أعلى المستويات السياسية والمخابراتية العربية , ولأنهم ليس شيوخ أصليين بل تقليد فالمساكين يرددون ما يطلب منهم , مثلما كان يطلب منهم (الهوسات ) في حضرة القائد , وقبل أيام خرج احدهم على احد الفضائيات , كان المسكين من السذاجة بحيث اختلطت علية التعليمات , ولا يدري ما يقول وكل الذي فهم منه أنا عربي .. أنا مع أخوتي في المغرب ...نحن عشائر نرتبط مع أخوتنا الجنجويد, ولا ندري هل قال له احد انه ليس عربي , ويقول الذي لا ينظم إلى تجمعي من العشائر وشيوخها فهو ليس عربي , أي أن لم تكن بعثي فأنت خائن , ويقول انه يريد تحرير العراق والأراضي العربية وبالأخص فلسطين , ثم يتهجم على منظمة حماس ويعتبر مساعدة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني هو مؤامرة على العرب والعروبة , وقال بالحرف (نحن يوميا نكتب تقارير) وتدارك نفسه وصمت ولم يكمل للمشاهد لمن يكتبها ؟؟؟ , وقالها الرجل بصراحة ( أنا مستعد لتقبل المساعدات من أي شريف ) ومقاييس الشرف طبعا على مقياس البعث ريختر , وحار معه مقدم البرنامج وهو رجل متمكن ومشهود له بالكفاءة ولم يفهم منه شيء سوى اتهام إيران بكل صغيرة وكبيرة , وحتى الحوثيين والخمير الحمر اتهم إيران بدعمهم , فسكت مقدم البرنامج وتركه يتكلم بدون مقاطعة , لأنه لا يشجع ولا يعرف ما يقول, و يناقض نفسه بين جملة وأخرى , ويبدوا انه لديه مجموعة نقاط يتكلم فيها , وان خرج عن النقاط المكتوبة يتوقف التمويل , ولسان حال مقدم البرنامج يقول ( ندري الخليجيين فلوسهم هواي ويكدرون يشترون كل شيء أي جان اشترولهم عميل بيه خير) , ولا ننسى أن نطلب من حكومتنا وكالعادة أن تطبق قانون الإرهاب على هؤلاء مثيري الشغب والفتن والمتعاملين مع المخابرات الأجنبية ضد العراق , ومحاسبتهم على تلقي الأموال من جهات مجهولة وهم الحفاة العراة , وكذلك تجريمهم على تهجمهم المستمر على العراق وشعبة ورموزه الوطنية , ترى هل ستفعل الحكومة ؟ أنا لا أظن وهذا ما يشجع هؤلاء , ولنصبر حتى يتم غلق فرع الخليج لتاهيل شيوخ التصنيع العسكري .