مرض الموت

إن مرض الموت الذي يبطل تصرفات المريض يجب أن يكون مرضاً يعجز فيه المريض عن متابعة أعماله اليومية والتي يكفي أن تكون بالتوجيه والمراقبة ، وأن يكون مرضاً يغلب فيه الهلاك وهو القاتل بطبيعته ويتصل به الموت قبل مرور سنة علي ذلك التصرف.


ويعد هذا التصرف إن جرى حال مرض موت المتصرف بمثابة وصية لما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية


وفي صدد ذلك يقتضي الأمر التوثق مما إذا كان التصرف واقعاً خلال مرض موت المتصرف أو حال صحته ومن ثم الحكم في تلك المنازعات على ضوء ما يثبت من أن التصرف قد جرى حال مرض الموت أو حال الصحة‏ .


فالمرء حر التصرف بماله حال حياته , بيد أنه مقيد إن كان التصرف في حال يكون فيه الانسان واقعاً تحت تأثير طيش أو هوى جامح , أو أن يكون في حالة مرض شديد لا يرجى برؤه , مما يوقع الانسان تحت وطأة حاجته لمن يرعاه خلال مرضه فيتصرف له ببعض أو بكل ما يملك إما في صورة بيع أو في صيغة الهبة استرضاء له , الأمر الذي حدا بالمشرع الى وضع قواعد وضوابط تستهدف إما حماية المتصرف نفسه أو حماية من لهم حق ناجز في ماله كالدائنين أو من سيكون لهم حق ارثي في ماله أن مات خلال سنة من تاريخ التصرف , وهو ما اصطلح على تعريفه (بالتصرف خلاف مرض الموت) .‏

و مرض الموت لم يرد على تعريفه نص لا في القرآن الكريم ولا في السنة الشريفة وإنما الثابت أن هذه الحالة استنبطها فقهاء المسلمين في معرض البحث عما يحول بين المرء وما قد يصدر عنه من تصرفات مالية وهو في حالة من اليأس تخرجه عن السداد وتلحق في الوقت نفسه , الضرر بمن لهم حقوق عليه ولقد جارى المشرع ومعه الاجتهاد القضائي ما اقره الفقهاء , فوضع شروطاً لابد من توفرها ليحكم بأن التصرف الذي يصدر عن المرء كالذي في حال صحته فينفذه , أما إذا في حالة مرض الموت فيبطله بالحدود المنصوص عنها في الاحكام القانونية .‏


ولقد أجمع الفقه والاجتهاد القضائي على أن مرض الموت أن تتحقق فيه ثلاثة شروط :‏

1 - أن يكون مرض يحدث فيه الموت غالباً‏

2 - أن يولد عند المريض شعوراً بالخوف من الموت‏

3 - أن يموت الشخص بالفعل موتاً متصلاً به قبل مضي سنة على بدئه .


إثبات مرض الموت :‏

مرض الموت لابد من توفر تقارير طبية تؤكد طبيعة المرض وحدوثه فعلاً , أما ان المرض هو مرض مميت فلا يجوز إثباته بالبينة الشخصية بل إنما يخضع الى الخبرة الفنية ليتقرر معها توفر شرط تولد الخوف من الموت لدى المريض .‏

وبالتالي فإن الفصل في المنازعات الناشئة عن التصرفات التي يجريها الانسان حال مرضه , وأن هذا المرض هو مرض مميت أم لا , يتوقف على تحقيق أمر يستلزم معرفة فنية مع مراعاة تحقق الشروط الثلاثة التي سلف ذكرها .